إلى الباطل وزينوا له القول بخلق القرآن ونفي الصفات عن الله D قال البهيقي ولم يكن في الخلفاء قبله من بني أميه وبني العباس خليفة الاعلى مذهب السلف ومنهاجهم فلما ولى هو الخلافة اجتمع به هؤلاء فحملوه على ذلك وزينوا له واتفق خروجه إلى طرسوس لغزو الروم فكتب إلى نائبه ببغداد اسحاق بن إبراهيم ن مصعب يأمره أن يدعو الناس إلى القول بخلق القرآن واتفق له ذلك آخر عمره قبل موته بشهور سنة ثماني عشرة ومائتين فلما وصل الكتاب كما ذكرنا استدعى جماعة من أئمة الحديث فدعاهم الى ذلك فامتنعوا فتهددهم بالضرب وقطع الارزاق فأجاب أكثرهم مكرهين واستمر على الامتناع من ذلك الامام أحمد بن حنبل ومحمد بن نوح الجند يسابوري فحملا على بعير وسيرا إلى الخليفة عن أمره بذلك وهما مقيدان متعادلان في محمل على بعير واحد فلما كانا ببلاد الرحبة جاءهما رجل من الاعراب من عبادهم يقال له جابر بن عامر فسلم على الامام احمد وقال له يا هذا إنك وافد الناس فلا تكن شؤما عليهم وإنك رأس الناس اليوم فإياك أن تجبهم إلى ما يدعونك إليه فيجيبوا فتحمل أوزارهم يوم القيامة وان كنت تحب الله فاصبر على ما انت فيه فانه ما بينك وبين الجنة إلا أن تقتل وإنك ان لم تقتل تمت وان عشت عشت حميدا قال احمد وكان كلامه مما قوى عزمى على ما أنا فيه من الامتناع من ذلك الذي يدعونني إليه فلما اقترابا من جيش الخليفة ونزلوا بمرحلة جاء خادم وهو يمسح دموعه بطرف ثوبه ويقول يعز على أبا عبدالله إن المأمون قد سل سيفا لم يسله قبل ذلك وأنه يقسم بقرابته من رسول الله A لئن لم تجبه إلى القول بخلق القرآن ليقتلنك بذلك السيف قال فجثى والامام أحمد على ركبتيه ورمق بطرفه إلى السماء وقال سيدي غر حلمك هذا الفاجر حتى تجرأ على أولياءك بالضرب والقتل اللهم فإن لم يكن القرآن كلامك غير مخلوق فاكفنا مؤنته قال فجاءهم الصريخ بموت المأمون في الثلث الاخير من الليل قال أحمد ففرحنا ثم جاء الخبر بأن المعتصم قد ولي الخلافة وقد انضم إليه أحمد بن أبي دؤاد وان الأمر شديد فردونا إلى بغداد في سفينة مع بعض الاسارى ونالني منهم اذى كثير وكان في رجليه القيود ومات صاحبه محمد بن نوح في الطريق وصلى عليه أحمد فلما رجع احمد إلى بغداد دخلها في رمضان فأودع في السجن نحوا من ثمانية وعشرين شهرا وقيل نيفا وثلاثين شهرا ثم أخرج إلى الضرب بين يدي المعتصم وقد كان أحمد وهو في السجن هو الذي يصلي في أهل السجن والقيود في رجليه ( ذكر ضربه Bه ) ( بين يدي المعتصم ) .
لما أحضره المعتصم من السجن زاد في قيوده قال أحمد فلم استطع أن أمشي بها فربطتها في