لمسلم وكان في كل شعرة منه عقل ولو قسم عقله على أهل بغداد لصاروا عقلاء وما نقص من عقله شيء وذكر غير واحد أن بشرا كان شاطرا في بدء أمره وأن سبب توبته أنه وجد رقعة فيها اسم الله D في أتون حمام فرفعها ورفع طرفه إلى السماء وقال سيدي اسمك ههنا ملقى يداس ثم ذهب إلى عطار فاشترى بدرهم غالية وضمخ تلك الرقعة منها ووضعها حيث لا تنال فاحي الله قلبه وألهمه رشده وصار إلى ما صار إليه من العبادة والزهادة .
من كلامه من أحب الدنيا فليتهيأ للذل وكان بشر يأكل الخبز وحده فقيل له أما لك أدم فقال بلى أذكر العافية فأجعلها أدما وكان لا يلبس نعلا بل يمشي حافيا فجاء يوما إلى باب فطرقه فقيل من ذا فقال بشر الحافي فقالت له جارية صغيرة لو اشترى نعلا بدرهم لذهب عنه اسم الحافي قالوا وكان سبب تركه النعل أنه جاء مرة إلى حذاء فطلب منه شراكا لنعله فقال ما أكثر كلفتكم يا فقراء على الناس فطرح النعل من يده وخلع الأخرى من رجله وحلف لا يلبس نعلا أبدا .
قال ابن خلكان وكانت وفاته يوم عاشوراء وقيل في رمضان ببغداد وقيل بمرو قلت الصحيح ببغداد في هذه السنة وقيل في سنة ست وعشرين والأول أصح والله أعلم وحين مات اجتمع في جنازته أهل بغداد عن بكرة ابيهم فأخرج بعد صلاة الفجر فلم يستقر في قبره إلا بعد العتمة وكان على المدائني وغيره من أئمة الحديث يصيح بأعلا صوته في الجنازة هذا والله شرف الدنيا قبل شرف الآخره وقد روى أن الجن كانت تنوح عليه في بيته الذي كان يسكنه وقد رآه بعضهم في المنام فقال ما فعل الله بك فقال غفر لي ولك من أحبني إلى يوم القيامة وذكر الخطيب أنه كان له أخوات ثلاث وهن مخة ومضغة وزبدة وكلهن عابدات زاهدات مثله وأشد ورعا أيضا ذهبت إحداهن إلى الأمام أحمد بن حنبل فقالت إني ربما طفيء السراج وأنا أغزل على ضوء القمر فهل على عند البيع أن أميز هذا من هذا فقال إن كان بينهما فرق فميزي للمشتري وقالت له مرة احداهن ربما تمر بنا مشاعل بني طاهر في الليل ونحن نغزل فنغزل الطاق والطاقين والطاقات فخلصنى من ذلك فأمرها أن تتصدق بذلك الغزل كله لما اشتبه عليها من معرفة ذلك المقدار وسألته عن أنين المريض أفيه شكوى قال لا إنما هو شكوى إلى الله D ثم خرجت فقال لابنه عبد الله يا بني اذهب خلفها فاعلم لي من هذه المرأة قال عبد الله فذهبت وراءها فإذا هي قد دخلت دار بشر وإذا هي أخته مخة .
وروى الخطيب أيضا عن زبدة قالت جاء ليلة أخى بشر فدخل برجله في الدار وبقيت