أنا بها يعنى الحوراء قد ركضتني برجلها فقالت حبيبي أترقد عيناك والملك يقطان ينظر إلى المتهجدين في تهجدهم بؤسا لعين آثرت لذة نومة على لذة مناجاة العزيز قم فقد دنا الفراغ ولقي المحبون بعضهم بعضا فما هذا الرقاد حبيبي وقرة عينى أترقد عيناك وأنا أتربي لك في الخدور منذ كذا وكذا قال فوثبت فزعا وقد عرقت حياء من توبيخها إياي وإن حلاوة منطقها لغي سمعي وقلبي وقال أحمد دخلت على أبي سليمان فإذا هو يبكي فقلت مالك فقال زجرت البارحة في منامي قلت ما الذي زجرك قال بينا أنا نائم في محرابي إذ وقفت على جارية تفوق الدنيا حسنا وبيدها ورقه وهي تقول أتنام يا شيخ فقلت من غلبت عينه نام قالت كلا إن طالب الجنة لا ينام ثم قالت أتقرأ قلت نعم فأخذت الورقة من يدها فاذا فيها مكتوب ... لهت بك لذة عن حسن عيش ... مع الخيرات في غرف الجنان ... تعيش مخلدا لا موت فيها ... وتنعم في الجنان مع الحسان ... تيقظ من منامك إن خيرا ... من النوم التهجد في القرآن ... .
وقال أبو سليمان أما يستحي أحدكم أن يلبس عباءة بثلاثة دراهم وفي قلبه شهوة بخمسة دراهم وقال أيضا لا يجور لأحد أن يظهر للناس الزهد والشهوات في قلبه فإذا لم يبق في قلبه شيء من الشهوات جاز له أن يظهر إلى الناس الزهد بلبس العبا فإنها علم من أعلام الزهاد ولو لبس ثوبين أبيضين لسيتر بهما أبصار الناس عنه وعن زهده كان أسلم لزهده من لبس العبا وقال إذا رأيت الصوفي يتنوق في لبس الصوف فليس بصوفي وخيار هذه الأمة أصحاب القطن أبو بكر الصديق وأصحابه وقال غيره إذا رأيت ضوء الفقير في لباسه فاغسل يديك من فلاحه وقال أبو سليمان الاخ الذي يعظك برؤيته قبل كلامه وقد كنت أنظر إلى الأخ من أصحابي بالعراق فأنتفع برؤيته شهرا .
وقال أبو سليمان قال الله تعالى عبدي إنك ما استحيت منى أنسيت الناس عيوبك وأنسيت بقاع الأرض ذنوبك ومحوت زلاتك من أم الكتاب ولم أناقشك الحساب يوم القيامة وقال أحمد سألت أبا سليمان عن الصبر فقال والله إنك لا تقدر عليه في الذي تحب فكيف تقدر عليه فيما تكره وقال أحمد تنهدت عنده يوما فقال إنك مسؤل عنها يوم القيامة فإن كانت على ذنب سلف فطوبى لك وإن كانت على فوت دنيا أو شهوة فويل لك وقال إنما رجع من رجع من الطريق قبل وصول ولو وصلوا إلى الله ما رجعوا وقا إنما عصى الله من عصاه لهوانهم عليه ولو عزموا عليه وكرموا لحجزهم عن معاصيه وحال بينهم وبينها وقال جلساء الرحمن يوم القيامة من جعل فيهم خصالا الكرم والحلم والعلم والحكمة والرأفة والرحمة والفضل والصفح والاحسان والبر والعفو واللطف .
وذكر أبو عبد الرحمن السلمى في كتاب محن المشايخ أن أبا سليمان الداراني أخرج من دمشق