ابن المهدي فاستدعى المأمون بجماعة من أمرائه وأقربائه فسألهم عن ذلك فصدقوا عليا فيما قال بعد أخذهم الأمان منه وقالوا له إن الفضل بن سهل حسن لك قتل هرثمة وقد كان ناصحا لك فعاجله قتله وإن طاهر بن الحسين مهد لك الأمور حتى قاد إليك الخلافة بزمامها فطردته إلى الرقة فقعد لا عمل له ولا تستنهضه في أمر وإن الأرض تفتقت بالشرور والفتن من أقطارها فلما تحقق ذلك المأمون أمر بالرحيل إلى بغداد وقد فطن الفضل بن سهل بما تمالأ عليه أولئك الناصحون فضرب قوما ونتف لحى بعضهم وسار المأمون فلما كان بسرخس عدا قوم على الفضل بن سهل وزير المأمون وهو في الحمام فقتلوه بالسيوف وذلك يوم الجمعة لليلتين خلتا من شوال وله ستون سنة فبعث المأمون في آثارهم فجئ بهم وهم أربعة من المماليك فقتلهم وكتب إلى أخيه الحسن بن سهل يعزيه فيه وولاه الوزارة مكانه وارتحل المأمون من سرخس يوم عيد الفطر نحو العراق وإبراهيم بن المهدي بالمدائن وفي مقابلته جيش يقتلونه من جهة المأمون .
وفيها تزوج المأمون بوران بنت الحسن بن سهل وزوج على بن موسى الرضى بإبنته أم حبيب وزوج ابنه محمد بن على بن موسى بإبنته الأخرى أم الفضل وحج بالناس إبراهيم بن موسى بن جعفر أخو على الرضى ودعا لأخيه بعد المأمون ثم انصرف بعد الحج إلى اليمن وقد كان تغلب عليها حمدويه بن على بن موسى بن ماهان وفيها توفي أيوب بن سويد وضمرة وعمرو بن حبيب والفضل بن سهل الوزير وأبو يحي الحماني .
ثم دخلت سنة ثلاث ومائتين .
فيها وصل المأمون العراق ومر بطوس فنزل بها وأقام عند قبر أبيه أياما من شهر صفر فلما كان في آخر الشهر أكل على بن موسى الرضى عنبا فمات فجأة فصلى عليه المأمون ودفنه إلى جانب أبيه الرشيد وأسف عليه أسفا كثيرا فيما ظهر وكتب إلى الحسن بن سهل يعزيه فيه ويخبره بما حصل له من الحزن عليه وكتب إلى بني العباس يقول لهم إنكم إنما نقمتم على بسبب توليتى العهد من بعدي لعلى بن موسى الرضى وها هو قد مات فارجعوا إلى السمع والطاعة فأجابوه بأغلظ جواب كتب به إلى أحد وفيها تغلبت الثوار على الحسن بن سهل حتى قيد بالحديد وأودع في بيت فكتب الأمراء بذلك إلى المأمون فكتب إليهم إني واصل على إثر كتابي هذا ثم جرت حروب كثيرة بين إبراهيم وأهل بغداد وتنكروا عليه وأبغضوه وظهرت الفتن والشطار والفساق ببغداد وتفاقم الحال وصلوا يوم الجمعة ظهرا أمهم المؤذنون فيها من غير خطبة صلوا أربع ركعات واشتد الأمر واختلف الناس فيما بينهم في إبراهيم والمأمون ثم غلبت المأمونية عليهم .
خلع أهل بغداد إبراهيم بن المهدي .
لما كان يوم الجمعة المقبلة دعا الناس للمأمون وخلعوا إبراهيم وأقبل حميد بن عبد الحيمد في جيش