أوجده اله فما مثله ... بطالب ذالك ولا ناشد ... ليس على الله بمستنكر ... أن يجمع العالم في واحد ... .
وأنشد سفيان بن عيينة قول أبي نواس ... .
ما هوى إلا له سبب ... يبتدي منه وينشعب ... فتنت قلبي نحجبة ... وجهها بالحسن منتقب ... خلته والحسن تأخذه ... تنتقي منه وتنتخب ... فاكتست منه طرائفه ... واستردت بعض ماتهب ... فهي لو صيرت فيه لها ... عودة لم يثنها أرب ... صار جدا ما مزحت به ... رب جد جره اللعب ... .
فقال ابن عيينة آمنت بالذي خلقها وقال ابن دريد قال أبو حاتم لو أن العامة بدلت هذين البيتين كتبتهما بماء الذهب ... ولو أني استزدتك فوق مابي ... من البلوى لأعوزك المزيد ... ولو عرضت على الموتى حياتي ... بعيش مثل عيشش لم يريدوا ... .
وقد سمع أبو نواس حديث سهيل عن أبي صالح عن أبي هريرة أن رسول الله A قال ( القلوب جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف ) فنظم ذلك في قصيدة له فقال ... إن القلوب لأجناد مجندة ... لله في الأرض بالأهواء تعترف ... فما تناكر منها فهو مختلف ... وما تعارف منها فهو مؤتلف ... .
ودخل يوما أبو نواس مع جماعة من المحدثين على عبد الواحد بن زياد فقال لهم عبد الواحد ليختر كل واحد منكم عشرة أحاديث أحدثه بها فاختار كل واحد عشرة إلا أبا نواس فقال له مالك لا تختار كما اختاروا فأنشأ يقول ... ولقد كنا روينا ... عن سعيد عن قتادة ... عن سعيد بن المسيب ... ثم سعد بن عباده ... وعن الشعبي والشعبي ... شيخ ذو جلاده ... وعن الأخيار نحكي ... وعن أهل الافادة ... أن من مات محبا ... فله أجر شهادة ... .
فقال له عبد الواحد قم عني يا فاجر لا حدثتك ولا حدثت أحدا من هؤلاء من أجلك فبلغ ذلك مالك بن أنس وإبراهيم بن أبي يحي فقالا كان ينبغي أن يحدثه لعل الله أن يصلحه .
قلت وهذا الذي انشده أبو نواس قد رواه ابن عدي في كامله عن ابن عباس موقوفا ومرفوعا من عشق فعف فكتم فمات شهيدا ومعناه أن من ابتلى بالعشق من غير اختيار منه فصبر