وتركها حاملا ووضع عندها رقعة فيها نسبته وأنه عبدالله بن محمد بن علي بن عبدالله بن عباس وأمرها إذا بلغها أمره أن تأتيه وإذا ولدت غلاما أن تسميه جعفرا فولدت غلاما فسمته جعفرا ونشأ الغلام فتعلم الكتابة وغوى العربية والأدب وأتقن ذلك إتقانا جيدا ثم آل الأمر إلى بني العباس فسألت عن السفاح فاذا هو ليس صاحبها ثم قام المنصور وصارالولد إلى بغداد فاختلط بكتاب الرسائل فأعجب به أيوب المروياني صاحب ديوان الانشاء للمنصور وحظي عنده وقدمه على غيره فاتفق حضوره معه بين يدي الخليفة فجعل الخليفة يلاحظه ثم بعث يوما الخادم ليأتيه بكاتب فدخل ومعه الغلام فكتب بين يدي المنصور كتابا وجعل الخليفة ينظر إليه ويتأمله ثم سأله عن سنه فأخبره أنه جعفر فقال ابن من فسكت الغلام فقال مالك لا تتكلم فقال ياأمير المؤمنين إن من خبري كيت وكيت فتغير وجه الخليفة ثم سأله عن أمه فأخبره وسأله عن أحوال بلد الموصل فجعل يخبره والغلام يجيب ثم قام إليه الخليفة فاحتضنه وقال انت إبني ثم بعثه بعقد ثمين ومال جزيل وكتاب إلى أمه يعلمها بحقيقة الامر وحال الولد وخرج الغلام ومعه ذلك من باب سر الخليفة فأحرز ذلك ثم جاءإلى أبي أيوب فقال ما بطأ بك عند الخليفة فقال إنه استكتبني في رسائل كثيره ثم تقاولا ثم فارقه الغلام مغضبا ونهض من فوره فاستأجر إلى الموصل ليعلم أمه ويحملها وأهلهاإلى بغداد إلى ابيه الخليفة فسار مراحل ثم سأل عنه أبو أيوب فقيل سافر فظن أبو أيوب أنه أفشى شيئا من أسراره إلى الخليفة وفر منه فبعث في طلبه رسولا وقال حيث وجدته فرده علي فسار الرسول في طلبه فوجده في بعض المنازل فخنقه وألقاه في بئر وأخذ ما كان معه فرجع إلى أبي أيوب فلما وقف أبو أيوب على الكتاب أسقط في يده وندم على بعثه خلفه وانتظر الخليفة عود ولده إليه واستبطأه وكشف عن خبره فاذا رسول أبي أيوب قد لحقه وقتله فحينئذ استحضر أبا أيوب وألزمه بأموال عظيمة ومازال في العقوبة حتى أخذ جميع أمواله وحواصله ثم قتله وجعل يقول هذا قتل حبيبي وكان المنصور كلما ذكر ولده حزن عليه حزنا شديدا .
وفيها خرجت الخوارج من الصفرية وغيرهم ببلاد افريقية فاجتمع منهم ثلاثمائة الف وخمسون ألفا ما بين فارس وراجل وعليهم أبو حاتم الانماطي وابو عباد وانظم إليهم أبو قرة الصفرى في أربعين ألفا فقاتلوا نائب افريقية فهزمزوا جيشه وقتلوه وهو عمر بن عثمان بن أبي صفرة الذي كان نائب السند كما تقدم قتله هؤلاء الخوارج C وأكثرت الخوارج الفساد في البلاد وقتلوا الحريم والاولاد وفيها ألزم المنصور الناس بلبس قلانس سود طوال جدا حتى كانوا يستعينون عن رفعها من داخلها بالقصب فقال أبو دلامه الشاعر في ذلك