بأنواع الفرش والبسط وعلقت فيها أنواع من الستور وأرصدت فيها ما ينبغي للخلافة من الجواري والخدم وألبستهم أنواع الملابس وجعلت في الخزائن ما ينبغي من أنواع الأطعمة والمأكل وجعلت في بعض بيوتها من أنواع الاموال والذخائر ثم أرسلت بمفاتيحها إليه ثم دخلها فوجد فيها ما أرصدته بها فهاله ذلك واستعظمه وكان أول خليفة سكنها وبنى عليها سورا ذكره الخطيب .
وأما التاج فبناه المكتفي على دجلة وحوله القباب والمجالس والميدان والثريا وحير الوحوش وذكر الخطيب صفة دار الشجرة التي كانت في زمن المقتدر بالله وما فيها من الفرش والستور والخدم والمماليك والحشمة الباهرة والدنيا الظاهرة وأنها كان بها إحد عشر ألف طواشى وسبعمائة حاجب وأما المماليك فألوف لا يحصون كثرة وسيأتي ذكر ذلك مفصلا في أيامهم ودولتهم التي ذهبت كأنها أحلام نوم بعد سنة ثلثمائة وذكر الخطيب دار الملك التي بالمحرم وذكر الجوامع التي تقام فيها الجمعات وذكر الانهار والجسور التي بها وما كان في ذلك في زمن المنصور وما أحدث بعده إلى زمانه وأنشد لبعض الشعراء في جسور بغداد التي على دجله ... يوم سرقنا في خلسة ... في مجلس بفناء دجلة مفرد ... رق الهواء برقة وقدامه ... فغدوت رقا للزمان المسعد ... فكأن دجلة طيلسان أبيض ... والجسر فيها كالطراز الأسود ... .
وقال آخر .
... يا حبذا جسر على متن دجلة ... بإتقان تأسيس وحسن ورونق ... جمال وحسن للعراق ونزهة ... وسلوة من أضناه فرط التشوق ... تراه إذا ما جئته متأملا ... كسطر عبير خط في وسط مهرق ... أوالعاج فيه الابنوس مرقش ... مثال فيول تحتها أرض زئبق ... .
وذكر الصولى قال ذكر أحمد بن أبي طاهر في كتاب بغداد أن ذراع بغداد من الجانبين ثلاثة وخمسون ألف جريب وأن الجانب الشرقي ستة وعشرون ألف جريب وسبعمائة وخمسون جريبا وأن عدة حماماتها ستون ألف حمام وأقل ما في كل حمام منها خمسة نفر حمامي وقيم وزبال ووقاد وسقاء وأن بازاء كل حمام خمسة مساجد فذلك ثلاثمائة ألف مسجد وأقل ما يكون في كل مسجد خمسة نفر يعني إماما وقيما ومأذونا ومأمومين ثم تناقضت بعد ذلك ثم دثرت بعد ذلك حتى صارت كأنها خربة صورة ومعنى على ماسيأتي بيانه في موضعه .
وقال الحافظ أبو بكر البغدادي لم يكن لبغداد نظير في الدنيا في جلالة قدرها وفخامة أمرها وكثرة علامائها وأعلامها وتميز خواصها وعوامها وعظم أقطارها وسعة أطرارها