وحده لنذهب به إلى الخليفه فجعلوا يسبونه وينالون من أمه ويكلمونه بكلام شنيع ويخاطبونه مخاطبة فظيعه وقالوا له هذا ابن رسول الله A معنا ونحن معه نقاتل دونه .
فلما كان اليوم الثالث أتاهم في خيل ورجال وسلاح ورماح لم ير مثلها فناداه يا محمد إن أمير المؤمنين أمرني أن لا أقاتلك حتى أدعوك إلى الطاعة فان فعلت أمنك وقضى دينك وأعطاك أموالا وأراضي وإن أبيت قاتلتك فقد دعوتك غير مرة فناداه محمد إنه ليس لكم عندي إلا القتال فنشبت الحرب حينئذ بينهم وكان جيش عيسى بن موسى فوق أربعة آلاف وعلى مقدمته حميد بن قحطبه وعلى ميمنته محمد بن السفاح وعلى ميسرته داود بن كرار و على الساقة الهيثم بن شعبة ومعهم عدد لم ير مثلها وفرق عيسى اصحابه في كل قطر طائفه وكان محمد وأصحابه على عدة أصحاب أهل بدر واققتل الفريقان قتالا شديدا جدا وترجل محمد إلى الارض فيقال إنه قتل بيده من جيش عيسى بن موسى سبعين رجلا من أبطالهم وأحاط بهم أهل العراق فقتلوا طائفة من أصحاب محمد بن عبدالله بن حسن فاقتحموا عليهم الخندق الذي كانوا قد حفروه وعملوا أبوابا على قدره وقيل أنهم ردموه بحدائج الجمال حتى أمكنهم أن يجوزوه وقد يكونون فعلوا هذا موضع منه وهذا في موضع آخر والله أعلم .
ولم تزل الحرب ناشبة بينهم حتى صليت العصر فلما صلى العصر نزلواإلى مسيل الوادي بسلع فكسر جفن سيفه وعقر فرسه وفعل أصحابه مثله وصبروا أنفسهم للقتال وحميت الحرب حينئذ جدا فاستظهر أهل العراق ورفعوا راية سوداء فوق سلع ثم دنواإلى المدينة فدخلوها ونصبوا راية سوداء فوق مسجد رسول الله A .
فلما رأى ذلك أصحاب محمد تنادوا أخذت المدينة وهربوا وبقي محمد في شرذمة قليلة جدا ثم بقي وحده وليس معه أحد وفي يده سيف صلت يضرب به من تقدم إليه فكان لا يقوم له شيء إلا أنامه حتى قتل خلقا أهل العراق من الشجعان ويقال إنه كان في يده يومئذ ذو الفقار ثم تكاثر عليه الناس فتقدم إليه رجل فضربه بسيفه تحت شحمة أذنه اليمنى فسقط لركبته وجعل يحمي نفسه ويقول ويحكم ابن نبيكم مجرم مظلوم وجعل حميد بن قحطبه يقول ويحكم دعوه لا تقتلوه فأحجم عنه الناس وتقدم إليه حميد بن قحطبة فحز رأسه وذهب به إلى عيسى بن موسى فوضعه بين يديه وكان حميد قد حلف أن يقتله متى رآه فما ادركه إلا كذلك ولو كان على حاله وقوته لمات استطاعه حميد ولا غيره من الجيش .
وكان مقتل محمد بن عبدالله بن حسن عند أحجار الزيت يوم الاثنين بعد العصر لأربع عشرة ليلة خلت من رمضان سنة خمس واربعين ومائة وقال عيسى بن موسى لاصحابه حين وضع