وذكروا أخبارا استشهدوا بها على بقائه إلى الآن وسنوردها إن شاء الله تعالى وبه الثقة وهذه وصيته لموسى حين قال هذا فراق بيني وبينك سأنبئكم بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا روى في ذلك آثار منقطعة كثيرة قال البيهقي أنبأنا أبو سعيد ابن أبي عمرو حدثنا أبو عبدالله الصفار حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا حدثنا اسحاق ابن اسماعيل حدثنا جرير حدثني أبو عبدالله الملطي قال لما أراد موسى أن يفارق الخضر قال له موسى أوصني قال كن نفاعا ولا تكن ضرارا كن بشاشا ولا تكن غضبان ارجع عن اللجاجة ولا تمش في غير حاجة وفي رواية من طريق أخرى زيادة ولا تضحك إلا من عجب وقال وهب بن منبه قال الخضر يا موسى إن الناس معذبون في الدنيا على قدر همومهم بها وقال بشر بن الحارث الحافي قال موسى للخضر أوصني فقال يسر الله عليك طاعته وقد ورد في ذلك حديث مرفوع رواه ابن عساكر من طريق ذكرياء بن يحيى الوقاد إلا أنه من الكذابين الكبار قال قرىء على عبدالله بن وهب وأنا أسمع قال الثوري قال مجالد قال أبو الوداك قال أبو سعيد الخدري قال عمر بن الخطاب قال قال رسول الله A قال أخي موسى يا رب ذكر كلمته فأتاه الخضر وهو فتى طيب الريح حسن بياض الثياب مشمرها فقال السلام عليك ورحمة الله يا موسى بن عمران إن ربك يقرأ عليك السلام قال موسى هو السلام وإليه السلام والحمد لله رب العالمين الذي لا أحصي نعمه ولا أقدر على أداء شكره إلا بمعونته ثم قال موسى أريد أن توصيني بوصية ينفعني الله بها بعدك فقال الخضر يا طالب العلم ان القائل اقل ملامة ( 1 ) من المستمع فلا تمل جلساءك إذا حدثتهم وأعلم أن قلبك وعاء فانظر ماذا تحشو به وعاءك واغرف من الدنيا وأنبذها وراءك فإنها ليست لك بدار ولا لك فيها محل قرار وإنما جعلت بلغة للعباد والتزود منها ليوم المعاد ورض نفسك على الصبر تخلص من الاثم يا موسى تفرغ للعلم ان كنت تريده فانما العلم لمن تفرغ له ولا تكن مكثارا للعلم مهذارا فإن كثرة المنطق تشين العلماء وتبدي مساوي السخفاء ولكن عليك بالاقتصاد فإن ذلك من التوفيق والسداد وأعرض عن الجهال وماطلهم وأحلم عن السفهاء فإن ذلك فعل الحكماء وزين العلماء اذا شتمك الجاهل فاسكت عنه حلما وجانبه حزما فإن ما بقي من جهله عليك وسبه اياك أكثر وأعظم يا ابن عمران ولا ترى أنك أوتيت من العلم إلا قليلا فإن الاندلاث والتعسف من الاقتحام والتكلف يا ابن عمران لا تفتحن بابا لا ندري ما غلقه ولا تغلقن بابا لا تدري ما فتحه يا ابن عمران من لا ينتهي من الدنيا نهمته ولا تنقضي منها رغبته ومن يحقر حاله ويتهم الله فيما قضى له كيف يكون زاهدا هل يكف عن الشهوات من غلب عليه هواه أو ينفعه طلب العلم والجهل قد حواه لأن سعيه إلى آخرته وهو مقبل على دنياه يا موسى تعلم ما تعلمت لتعمل به ولا تعلمه لتحدث به فيكون عليك بواره ولغيرك نوره يا موسى بن عمران اجعل الزهد والتقوى لباسك والعلم والذكر كلامك واستكثر من الحسنات فإنك مصيب السيئات وزعزع بالخوف قلبك فإن ذلك يرضى ربك واعمل خيرا فإنك لا بد