وهم في ستمائة فتنادى الناس وغلقت أبواب البلد وخرج المنصور من القصر ماشيا لأنه لم يجد دابة يركبها ثم جيء بدابة فركبها وقصد نحو الروانديه وجاء الناس من كل ناحية وجاء معن بن زائده فلما رأى المنصور ترجل وأخذ بلجام دابة المنصور وقال يا أمير المؤمنين ارجع نحن نكفيهم فأبى وقام أهل الأسواق اليهم فقاتلوهم وجاءت الجيوش فالتفوا عليهم من كل ناحية فحصدوهم عن آخرهم ولم يبق منهم بقية وجرحوا عثمان بن نهيك بسهم بين كتفيه فمرض أياما ثم مات فصلى عليه الخليفة وقام على قبره حتى دفن ودعا له وولى أخاه عيسى بن نهيك على الحرس وكان ذلك كله بالمدينه الهاشمية بالكوفة .
ولما فرغ المنصور من قتال الروانديه ذلك اليوم صلى بالناس الظهر في آخر وقتها ثم أتى بالطعام فقال أبن معن بن زائدة وأمسك عن الطعام حتى جاء معن فأجلسه إلى جبنه ثم أخذ في شكره لمن بحضرته لما رأى من شهامته يومئذ فقال معن والله يا أمير المؤمنين لقد جئت وإني لو جل فما رأيت استهانتك بهم واقدامك عليهم قوي قلبي واطمأن وما ظننت أن أحدا يكون في الحرب هكذا فذاك الذي شجعني يا أمير المؤمنين فأمر له المنصور بعشرة الاف ورضي عنه وولاه اليمن وكان معن بن زائده قبل ذلك متخفيا لأنه قاتل المسوده مع إبن هبيره فلم يظهروا إلا في هذ 1 اليوم فلما رأى الخليفة صدقه في قتاله رضي عنه ويقال أن المنصور قال عن نفسه أخطأت في ثلاث قتلت أبا مسلم وأنا في جماعة قليله وحين خرجت من الشام ولو اختلف سفيان بالعراق لذهبت الخلافة ويوم الروانده لو أصابني سهم غرب لذهبت ضياعا وهذا من حزمه وصرامته .
وفي هذه السنة ولى المنصور ابنه محمدا العهد من بعده ودعاه بالمهدي وولاه بلاد خراسان وعزل عنها عبد الجبار بن عبد الرحمن وذلك أنه قتل خلقا من شيعة الخليفة فشكاه المنصور إلى أبي أيوب كاتب الرسائل فقال يا أمير المؤمنين أكتب اليه ليبعث جيشا كثيفا إلى من خراسان إلى غزو الروم فإذا خرجوا بعثت اليه من شئت فأخرجوه من بلاد خراسان ذليلا فكتب إليه المنصور بذلك فرد الجواب بأن بلاد خراسان قد عاثت بها الأتراك ومتى خرج منها جيش خيف عليها وفسد أمرها فقال المنصور لأبي أيوب ماذا ترى قال فاكتب اليه إن بلاد خراسان أحق بالمدد لثغور المسلمين من غيرها وقد جهزت اليك بالجنود فكتب اليه ايضا ان بلاد خراسان ضيقة في هذا العام أقواتها ومتى دخلها جيش أفسدها فقال الخليفة لأبي أيوب ماذا تقول فقال يا أمير لمؤمنين هذا رجل قد أبدى صفحته وخلع فلا تناظره فحينئذ بعث المنصورابنه محمدا المهدي ليقيم بالري فبعث المهدي بين يديه خازم بن خزيمه مقدمة إلى عبدالجبار فما زال به يخدعه ومن معه حتى هرب من معه وأخذوه هو فأركبوه بعيرا محولا وجهه إلى ناحية ذنب البعير وسيروه كذلك