أنه يريد رفع قدرك وعلو منزلتك والإطلاقات لك فان جاء بهذا فذاك وان أبى فقل هو بريء من العباس إن شققت العصا على وجهك ليدركنك بنفسه وليقاتلنك دون غيره ولو خضت البحر الخضم لخاضه خلفك حتى يدركك فيقتلك أو يموت قبل ذلك ولا تقل له هذا حتى تيأس من رجوعه بالتي هي أحسن فلما قدم عليه أمراء المنصور بحلوان دخلوا عليه ولا موه فيما هم به من منابذة أمير المؤمنين وما هو فيه من مخالفته ورغبوه الرجوع إلى الطاعة فشاور ذوي الرأي من أمرائه فكلهم نهاه عن الرجوع إليه واشاروا بأن يقيم في الري فتكون خراسان تحت حكمه وجنوده طوعا له فان استقام له الخليفة والإ كان في عزو منعه من الجند فعند ذلك أرسل أبو مسلم إلى أمراء المنصور فقال لهم ارجعوا إلى صاحبكم فلست أتقاه فلما استيأسوا منه قالوا ذلك الكلام الذي كان المنصور أمرهم به فلما سمع ذلك كسره جدا وقال قوموا عني الساعة .
وكان أبو مسلم قد استخلف على خراسان أبا داود ابراهيم بن خالد فكتب إليه المنصور في غيبة أبي مسلم حين أتهم إن ولاية خراسان لك ما بقيت فقد وليتكها وعزلت عنها أبا مسلم فعند ذلك كتب أبو داود إلى أبي مسلم حين بلغه ما عليه من منابذة الخليفة أنه ليس يليق بنا منابذة خلفاء أهل بيت رسول الله A فارجع إلى إمامك سامعا مطيعا والسلام فزاده ذلك كسرا أيضا فبعث اليهم أبو مسلم إني سأبعث إليه أبا اسحاق وهو ممن أثق به فبعث أبا اسحاق إلى المنصور فأكرمه ووعده بنيابة العراق إن هو رده فلما رجع إليه أبو إسحاق قال له ما وراءك قال رأيتهم معظمين لك يعرفون قدرك فعزه ذلك وعزم على الذهاب إلى الخليفة فاستشار أميرا يقال له نيزك فنهاه فصمم على الذهاب فلما رآه نيزك عازما علىالذهاب تمثل بقول الشاعر ... ما للرجال مع القضاء محالة ... ذهب القضاء بحيلة الأقوام ... .
ثم قال له احفظ عني واحده قال وما هي قال اذا دخلت عليه فاقتله ثم بايع من شئت بالخلافة فإن الناس لا يخالفونك وكتب أبو مسلم يعلمه بقدومه عليه قال ابو أيوب كاتب الرسائل فدخلت على المنصور وهو جالس في خباء شعر جالس في مصلاه بعد العصر وبين يديه كتاب فألقاه إلي فإذا هو كتاب أبي مسلم بالقدوم يعلمه عليه ثم قال الخليفة والله لئن ملأت عيني منه لأقتلنه قال أبو أيوب فقلت إنا لله وإنا إليه راجعون وبت تلك الليلة لا يأتني نوم وأفكر في هذه الواقعة وقلت إن دخل أبو مسلم خائفا ربما يبدو منه شر إلى الخليفة والمصلحة تقتضي أن يدخل آمنا ليتمكن منه الخليفة فلما إصبحت طلبت رجلا من الأمراء وقلت له هل لك أن تتولى مدينة كسكر فإنها مغله في هذه السنة فقال ومن لي بذلك فقلت له فاذهب إلى ابي مسلم فتلقاه في الطريق فاطلب منه أن يوليك تلك البلد فإن أمير المؤمنين يريد أن يوليه ما وراء بابه