العقوبة البليغة كسر قدميه ثم ساقيه ثم فخديه ثم صدره فمات ولا يتكلم كلمة واحدة ولا تأوه حتى خرجت روحه C .
قال الليثي عن أبيه حطب خالد القسري يوما فأرتج عليه فقال أيها الناس إن هذا الكلام يجيء أحيانا ويغرب أحيانا فيتسبب عند مجيئه سببه ويتعذر عند عزوبه مطلبه وقد يرد إلى السليط بيانه ويثيب إلى الحصر كلامه وسيعود الينا ما تحبون ونعود لكم كما تريدون وقال الاصمعي وغيره خطب خالد القسرى يوما بواسط فقال ياأيها الناس تنافسوا في المكارم وسارعوا إلى المغانم واشتروا الحمد بالجود ولا تكتسبوا بالمطل ذما ولا تعتدوا بمعروف لم تعجلوه ومهما تكن لأحد منكم نعمة عند أحد لم يبلغ شكرها فالله أحسن له جراء وأجزل عطاء وأعلموا أن حوائج الناس اليكم نعم فلا تملوها فتحول نقما فإن أفضل المال ما كسب أجرا وأورث ذكرا ولو رأيتم المعروف لرأيتموه رجلا حسنا جميلا يسر الناس إذا نظروا إليه ويفوق العالمين ولو رأيتم البخل لرأيتموه رجلا مشوها قبيحا تنفرمنه القلوب وتغض دونه الابصار إنه من جاد ساد ومن بخل ذل وأكرم الناس من أعطى من لا يرجوه ومن عفا عن قدرة وأفضل الناس من وصل عن قطيعة ومن لم يطب حرثه لم يزك نبته والفروع عند مغارسها تنمو وبأصولها تسمو وروى الأصمعي عن عمر إبن الهيثم أن أعرابيا قدم على خالد فأنشده قصيدة امتدحه بها يقول فيها ... اليك إبن كرز الخير أقبلت راغبا ... لتجبر مني ما وها وتبددل ... إلى الماجد البهلول ذي الحلم والندى ... وأكرم خلق الله فرعا ومحتد ... إذا ما أناس قصروا بفعالهم ... نهضت فلم تلقى هنالك مفقدا ... فيالك بحرا يغمر الناس موجه ... إذا يسأل المعروف جاش وأزابدا ... بلوت إبن عبدالله في كل موطن ... فألفيت خير الناس نفسا وأمجدا ... فلو كان في الدنيا من الناس خالد ... لجود بمعروف لكنت مخلدا ... فلا تحرمني منك ما قد رجوته ... فيصبح وجهي كالح اللون أربدا ... .
قال فحفظها خالد فلما إجتمع الناس عند خالد قام الأعرابي ينشدها فابتدره إليها خالد فأنشدها قبله وقال أيها الشيخ إن هذا شعر قد سبقناك إليه فنهض الشيخ فولى ذاهبا فاتبعه خالد من يسمع ما يقول فإذا هو ينشد هذه الأبيات ... ألا في سبيل الله ما كنت أرتجي ... لديه وما لاقيت من نكد الجهد ... دخلت على بحر يجود بماله ... ويعطي كثير المال في طلب الحمد ... فخالفني الجد المشوم لشقوتي ... وقاربني نحسي وفارقني سعدي