جزيتكم ما يجلبهم عن بلادهم ويقطع سبلهم وإن لكم عندي أعطياتكم في كل سنة وأرزاقكم في كل شهر حتى تستدر المعيشة بين المسلمين فيكون أقصاهم كأدناهم فإن أنا وفيت لكم بما قلت فعليكم السمع والطاعة وحسن المؤازرة وإن أنا لم أوف لكم فلكم أن تخلعوني وإلا ان تستتيبوني فإن تبت قبلتم مني وان علمتم أحدا من أهل الصلاح والدين يعطيكم من نفسه ما مثل ما أعطيكم فأردتم أن تبايعوه فأنا أول من يبايعه ويدخل في طاعته أيها الناس إنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق إنما الطاعة طاعة الله فمن أطاع الله فأطيعوه ما أطاع الله فاذا عصى أو دعا إلى معصية فهو أهل أن يعصى ولا يطاع بل يقتل ويهان أقول قولى هذا واستغفر الله لي ولكم .
وفي هذه السنة عزل يزيد ين الوليد يوسف بن عمر عن إمرة العراق لما ظهر منه من الحنق على اليمانية وهم قوم خالد بن عبدالله القسري حتى قتل الوليد بن يزيد وكان قد سجن غالب من ببلاده منهم وجعل الأرصاد على الثغور خوفا من جند الخليفة فعزله عنها أمير المؤمنين يزيد بن الوليد وولى عليها منصور بن جمهور مع بلاد السند وسجستان وخراسان وقد كان منصور بن جمهور أعرابيا جلفا وكان يدين بمذهب الغيلانية القدرية ولكن كانت له آثار حسنة وعناء كثير في مقتل الوليد بن يزيد فحظي بذلك عند يزيد بن الوليد ويقال إنه لما فرغ الناس من الوليد ذهب من فوره إلى العراق فأخذ البيعة من أهلها إلى يزيد وقرر بالأقاليم نوابا وعمالا وكر راجعا إلى دمشق في آخر رمضان فلذلك ولاه الخليفة ما ولاه والله أعلم .
وأما يوسف بن عمر فإنه فر من العراق فلحق ببلاد البلقاء فبعث إليه أمير المؤمنين يزيد فأحضره إليه فلما وقف بين يديه أخذ بلحيته وكان كبير اللحيه جدا ربما كانت تجاوز سرته وكان قصير القامة فوبخه وأنبه ثم سجنه وأمر باستخلاص الحقوق منه ولما أنتهى منصور بن جمهور إلى العراق قرأ عليهم كتاب أمير المؤمنين إليهم في كيفية مقتل الوليد وأن الله أخذه أخذ عزيز مقتدر وأنه قد ولي عليهم منصور بن جمهور لما يعلم من شجاعته ومعرفته بالحرب فبايع أهل العراق ليزيد بن الوليد وكذلك أهل السند وسجستان .
وأما نصر بن سيار نائب خرسان فإنه إمتنع من السمع والطاعة لمنصور بن جمهور وابى أن ينقاد لأوامره وقد كان نصر هذا جهز هدايا كبيرة للوليد بن يزيد فاستمرت له وفي هذه السنة كتب مروان الملقب بالحمار كتابا إلى عمر بن يزيد أخي الوليد بن يزيد يحثه على القيام بطلب دم أخيه الوليد وكان مروان يومئذ أميرا على أذربيجان وأرمينيه ثم إن يزيد بن الوليد عزل منصور إبن جمهور عن ولاية العراق وولى عليها عبدالله بن عمر بن عبد العزيز وقال له إن أهل العراق يحبون أباك فقد وليتكها وذلك في شوال وكتب له إلى امراء الشام الذين بالعراق يوصيهم به