البلوغ فشق ذلك على الناس أيضا ونصحوه فلم ينتصح ونهوه فلم يرتدع ولم يقبل .
قال المدائني في روايته تقل ذلك على الناس ورماه بنو هاشم وبنو الوليد بالكفر والزندقة وغشيان أمهات أولاد أبيه وباللواط وغيره وقالوا أتحذ مائة جامعة على كل جامعة اسم رجل من بني هاشم ليقتله بها ورموه بالزندقة وكان أشدهم منه قولا يزيد بن الوليد بن عبد الملك وكان الناس إلى قوله أميل لأنه أظهر النسك والتواضع ويقول ما يسعنا الرضا بالوليد حتى حمل الناس على الفتك به قالوا وانتدب للقيام عليه جماعة من قضاعة واليمانية وخلق من أعيان الأمراء وآل الوليد بن عبد الملك وكان القائم بأعباء ذلك كله والداعي إليه يزيد بن الوليد بن عبد الملك وهو من سادات بني أمية وكان ينسب إلى الصلاح والدين والورع فبايعه الناس على ذلك وقد نهاه أخوة العباس بن الوليد فلم يقبل فقال والله لولا إني أخاف عليك لقيدتك وأرسلتك إليه واتفق خروج الناس من دمشق من وباء وقع بها فكان ممن خرج بن يزيد أمير المؤمنين في طائفة من أصحابه نحو المائتين إلى ناحية مشارف دمشق فانتظم إلى يزيد لن الوليد أمره وجعل أخوه العباس ينهاه عن ذلك أشد النهي فلا يقبل فقال العباس ذلك ... إني اعيذكم بالله من فتن ... مثل الجبال تسامى ثم تندفع ... إن البرية قد ملت سياستكم ... فاستمسكوا بعمود الدين وارتدعوا ... لا تلحمن ذئاب الناس أنفسكم ... إن الذباب إذا ما ألحمت رتعوا ... لا تبقرن بأيديكم بطونكم ... فثم لا حسرة تغني ولا جزع ... .
فلما استوثق ليزيد بن الوليد أمره وبايعه من الناس قصد دمشق فدخلها في غيبة الوليد فبايعه أكثر أهلها في الليل وبلغه أن أهل المزة بايعوا كبيرهم معاوية بن مصاد فمضى إليه يزيد ماشيا في نفر من أصحابه فأصابهم في الطريق خطر شديد فأتوه فطرقوا بابه ليلا ثم دخلوا فكلمه يزيد في ذلك فبايعه بن مصاد ثم رجع يزيد من ليلته إلى دمشق على طريق القناة وهو على حمار أسود فحلف أصحابه أنه لايدخل دمشق إلا في السلاح فلبس سلاحا من تحت ثيابه فدخلها وكان الوليد قد استناب على دمشق في غيبته عبد الملك بن محمد بن الحجاج بن يوسف الثقفي وعلى شرطتها أبو العاج كثير بن عبدالله السلمى فلما كان ليلة الجمعة اجتمع أصحاب يزيد بين العشائين عند باب الفراديس فلما أذن العشلء الآخرة دخلوا المسجد فلما لم يبق في المسجد غيرهم بعثوا إلى يزيد بن الوليد فجاءهم فقصدوا باب المقصورة ففتح لهم خادم فدخلوا فوجدوا أبا العاج وهو سكران فأخذوا خزائن بيت المال وتسلموا الحواصل وتقووا بالأسلحة وأمر يزيد بإغلاق أبواب البلد وأن لا يفتح إلا لمن يعرف فلما أصبح الناس قدم أهل الحواضر من كل جانب