المنكرات إلا أتيته غير متحاش ولا مستتر فكتب إليه الوليد ... يا أيها السائل عن ديننا ... ديني على دين أبي شاكر ... نشر بها صرفا وممزوجة ... بالسخن أحيانا وبالفاتر ... .
فغضب هشام على ابنه مسلمة وكان يسمى أبا شاكر وقال له تشبه الوليد بن يزيد وأنا أريد أن أرقيك إلى الخلافة وبعثه على الموسم سنه تسع عشر ومائة فأظهرالنسك والوقار وقسم بمكة والمدينة أموالا فقال مولى لأهل المدينة ... يا أيها السائل عن ديننا ... نحن على دين أبي شاكر ... الواهب الجرد بأرسانها ... ليس بزنديق ولا كافر ... .
ووقعت بين هشام وبين الوليد بن يزيد وحشة عظيمة بسبب تعاطي الوليد ما كان يتعاطاه من الفواحش والمنكرات فتنكر له هشام وعزم على خلعه وتولية ولده مسلمة ولاية العهد ففر منه الوليد إلى الصحراء وجعلا يتراسلان بأقبح المراسلات وجعل هشام يتوعده وعيدا شديدا ويتهدده ولم يزل كذلك حتى مات هشام والوليد في البرية فلما كانت الليلة التي قدم في صبيحتها عليه البرد بالخلافة قلق الوليد تلك الليلة قلقا شديدا وقال لبعض أصحابه ويحك قد أخذني الليلة قلق عظيم فاركب لعلنا نبسط فسار ميلين يتكلمان في هشام وما يتعلق به من كتبه إليه بالتهديد والوعيد ثم رأيا من بعد رهجا وأصواتا وغبارا ثم انكشف ذلك عن برد يقصدونه بالولاية فقال لصاحبه ويحك إن هذه رسل هشام اللهم اعطنا خيرها فلما اقتربت البرد منه وتبينوه ترجلوا إلى الارض وجاؤا فسلموا عليه بالخلافة فبهت وقال ويحكم أمات هشام قالوا نعم قال فمن بعثكم قالوا سالم بن عبد الرحمن صاحب ديوان الرسائل وأعطوه الكتاب فقرأه ثم سألهم عن أحوال الناس وكيف مات عمه هشام فأخبروه فكتب من فوره بالاحتياط على أموال هشام وحواصله بالرصافة وقال ... ليت هشاما عاش حتى يرى ... مكياله الأوفر قد طبعا ... كلتاه بالصاع الذي كاله ... وما ظلمناه بعد إصبعا ... وما أتيناه ذاك بدعة ... أحله الفرقان إلى أجمعا ... .
وقد كان الزهري يحث هشاما على خلع الوليد هذا ويستنهضه في ذلك فيحجم هشام عن ذلك خوف الفضيحة من الناس ولئلا تتنكر قلوب الأجناد من أجل ذلك وكان الوليد يفهم ذلك من الزهرى ويبغضه ويتوعده ويتهدده فيقول له الزهري ما كان الله ليسلطك علي يا فاسق ثم مات الزهري قبل ولاية الوليد ثم فر الوليد من عمه إلى البرية فلم يزل بها حتى مات فاحتاط على أموال