الشمس فقد أفطر الصائم فالزمان المحقق ينقسم إلى ليل ونهار وليس بينهما غيرهما ولهذا قال تعالى يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى فيولج من هذا في هذا أي يأخذ من طول هذا في قصر هذا فيعتدلان كما في أول فصل الربيع يكون الليل قبل ذلك طويلا والنهار قصيرا فلا يزال الليل ينقص والنهار يتزايد حتى يعتدلا وهو أول الربيع ثم يشرع النهار يطول ويتزايد والليل يتناقص حتى يعتدلا أيضا في أول فصل الخريف ثم يشرع الليل يطول ويقصر النهار إلى آخر فصل الخريف ثم يترجح النهار قليلا قليلا ويتناقص الليل شيئا فشيئا حتى يعتدلا في أول فصل الربيع كما قدمنا وهكذا في كل عام ولهذا قال تعالى وله اختلاف الليل والنهار أي هو المتصرف في ذلك كله الحاكم الذي لا يخالف ولا يمانع ولهذا يقول في ثلاث آيات عند ذكر السموات والنجوم والليل والنهار ذلك تقدير العزيز العليم أي العزيز الذي قد قهر كل شيء ودان له كل شيء فلا يمانع ولا يغالب العليم بكل شيء فقدر كل شيء تقديرا على نظام لا يختلف ولا يضطرب وقد ثبت في الصحيحين من حديث سفيان بن عيينة عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال قال رسول الله A قال الله يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر بيدي الأمر أقلب الليل والنهار وفي رواية فأنا الدهر أقلب ليله ونهاره .
قال العلماء كالشافعي وأبي عبيد القاسم بن سلام وغيرهما يسب الدهر أي يقول فعل بنا الدهر كذا يا خيبة الدهر أيتم الأولاد أرمل النساء قال الله تعالى وأنا الدهر أي أنا الدهر الذي يعنيه فإنه فاعل ذلك الذي أسنده إلى الدهر والدهر مخلوق وإنما فعل هذا هو الله فهو يسب فاعل ذلك ويعتقده الدهر والله هو الفاعل لذلك الخالق لكل شيء المتصرف في كل شيء كما قال وأنا الدهر بيدي الأمر أقلب ليله ونهاره وكما قال تعالى قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي وترزق من تشاء بغير حساب وقال تعالى هو الذي جعل الشمس ضياءا والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ما خلق الله ذلك إلا بالحق يفصل الآيات لقوم يعلمون إن في اختلاف الليل والنهار وما خلق الله في السموات والأرض لآيات لقوم يتقون أي فاوت بين الشمس والقمر في نورهما وفي شكلهما وفي وقتهما وفي سيرهما فجعل هذا ضياء وهو شعاع الشمس برهان ساطع وضوء باهر والقمر نورا أي أضعف من برهان الشمس وجعله مستفادا من ضوئها وقدره منازل أي يطلع أول ليلة من الشهر صغيرا ضئيلا قليل النور لقربه من الشمس وقلة مقابلته لها فبقدر مقابلته لها يكون نوره ولهذا في الليلة الثانية يكون أبعد منها بضعف ما كان في الليلة الأولى فيكون نوره بضعف النور أول ليلة ثم كلما بعد ازداد نوره حتى يتكامل إبداره ليلة