عساكر في تاريخه أن عمر بن عبد العزيز كان يعجبه جارية من جواري زوجته فاطمة بنت عبد الملك فكان سألها إياها إما بيعا أو هبة فكانت تأبى عليه ذلك فلما ولى الخلافة ألبستها وطيبتها وأهدتها إليه ووهبتها منه فلما أخلتها به أعرض عنها فتعرضت له فصدف عنه فقالت له ياسيدي فأين ما كان يظهر لي من محبتك إياي فقال والله إن محبتك لباقية كما هي ولكن لا حاجة لي في النساء فقد جاءني أمر شغلني عنك وعن غيرك ثم سألها عن أصلها ومن أين جلبوها فقالت يا أمير المؤمنين إن أبي أصاب جناية ببلاد المغرب فصادره موسى بن نصير فأخذت في الجناية وبعث بي إلى الوليد فوهبني الوليد إلى أخته فاطمة زوجتك فأهدتني إليك فقال عمر إنا لله وإنا إليه راجعون كدنا والله نفتضح ونهلك ثم أمر بردها مكرمة إلى بلادها وأهلها .
وقالت زوجته فاطمة دخلت يوما عليه وهو جالس في مصلاه واضعا خده على يده ودموعه تسيل على خديه فقلت مالك فقال ويحك يا فاطمة قد وليت من أمر هذه الأمة ما وليت فتفكرت في الفقير الجائع والمريض الضائع والعاري المجهود واليتيم المكسور والأرملة الوحيدة والمظلوم المقهور والغريب والأسير والشيخ الكبير وذي العيال الكثير والمال القليل وأشباههم في أقطار الأرض وأطراف البلاد فعلمت أن ربي D سيسألني عنهم يوم القيامة وأن خصمي دونهم محمد ( ص ) فخشيت أن لا يثبت لي حجة عند خصومته فرحمت نفسي فبكيت وقال ميمون بن مهران ولاني عمر بن عبد العزيز عمالة ثم قال لي إذا جاءك كتاب مني على غير الحق فاضرب به الأرض وكتب إلى بعض عماله إذا دعتك قدرتك على الناس إلى مظلمة فاذكر قدرة الله عليك ونفاد ما تأتي إليهم وبقاء ما يأتون إليك وقال عبد الرحمن بن مهدي عن جرير بن حازم عن عيسى بن عاصم قال كتب عمر بن عبد العزيز إلى عدي بن عدي إن للإسلام سننا وفرائض وشرائع فمن استكملها استكمل الإيمان ومن لم يستكملها لم يستكمل الإيمان فإن أعش أبينها لكم لتعملوا بها وإن أمت فما أنا على صحبتكم بحريص وذكره البخاري في صحيحه تعليقا مجزوما به .
وذكر الصولي أن عمر كتب إلى بعض عماله عليك بتقوى الله فإنها هي التي لا يقبل غيرها ولا يرحم إلا أهلها ولا يثاب إلا عليها وإن الواعظين بها كثير والعاملين بها قليل وقال من علم أن كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما يعنيه وينفعه ومن أكثر ذكر الموت اجتز أمن الدنيا باليسير وقال من لم يعد كلامه من عمله كثرت خطاياه ومن عبد الله بغير علم كان ما يفسده أكثر مما يصلحه وكلمه رجل يوما حتى أغضبه فهم به عمر ثم أمسك نفسه ثم قال للرجل أردت أن يستغزني الشيطان بعزة السلطان فأنال منك ما تناله مني غدا قم عافاك الله لا حاجة لن في مقاولتك وكان يقول إن أحب الأمور إلى الله القصد في الجد والعفو في المقدرة والرفق في الولاية وما رفق عبد