[ قال ابن تيمية عن هذا العمود إن تحته مدفون جبار عنيد كافر يعذب فإذا داروا بالحيوان حوله سمع العذاب فراث وبال من الخوف قال ولهذا يذهبون بالدواب إلى قبور النصارى واليهود والكفار فإذا سمعت أصوات المعذبين انطلق بولها والعمود المشار إليه ليس له سر ومن اعتقد أن فيه منفعة أو مضرة فقد أخطأ خطأ فاحشا وقيل إن تحته كنزا وصاحبه عنده مدفون وكان ممن يعتقد الرجعة إلى الدنيا كما قال تعالى [ وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما نحن بمبعوثين ] والله سبحانه وتعالى أعلم .
وما زال سليمان بن عبد الملك يعمل في تكملة الجامع الأموي بعد موت أخيه مدة ولايته وجددت له في المقصورة فلما ولي عمر بن عبد العزيز عزم علي أن يجرده مما فيه من الذهب ويقلع السلاسل والرخام والفسيفساء ويرد ذلك كله إلى بيت المال ويجعل مكان ذلك كله طينا فشق ذلك على أهل البلد واجتمع أشرافهم إليه وقال خالد بن عبدالله القسري أنا أكلمه لكم فقال له يا أمير المؤمنين بلغنا عنك كذا وكذا قال نعم فقال خالد ليس ذلك لك يا أمير المؤمنين فقال عمر ولم يا ابن الكافره وكانت أمه نصرانية رومية أم ولد فقال يا أمير المؤمنين إن كانت كافرة فقد ولدت رجلا مؤمنا فقال صدقت واستحيا عمر ثم قال له فلم قلت ذلك قال يا أمير المؤمنين لأن غالب ما فيه من الرخام إنما حمله المسلمون من أموالهم من سائر الأقاليم وليس هو لبيت المال فأطرق عمر قالوا واتفق في ذلك الزمان قدوم جماعة من بلاد الروم رسلا من عند ملكهم فلما دخلوا من باب البريد وانتهوا إلى الباب الكبير الذي تحت النسر ورأوا ما بهر عقولهم من حسن الجامع الباهر والزخرفة التي لم يسمع بمثلها صعق كبيرهم وخر مغشيا عليه فحملوه إلى منزلهم فبقى أياما مدنفا فلما تماثل سألوه عما عرض له فقال ما كنت أظن أن يبني المسلمون مثل هذا اليناء وكنت أعتقد أن مدتهم تكون أقصر من هذا فلما بلغ ذلك عمر بن عبد العزيز قال أو إن الغيظ أهلك الكفار دعوه وسألت النصارى في أيام عمر بن عبد العزيز أن يعقد لهم مجلسا في شأن ما كان أخذه الوليد منهم وكان عمر عادلا فأراد أن يرد عليهم ما كان أخذه الوليد منهم فأدخله في الجامع ثم حقق عمر القضية ثم نظر فإذا الكنائس التي هي خارج البلد لم تدخل في الصلح الذي كتبه لهم الصحابة مثل كنسة دير مران بسفح قايسون وهي بقرية المعظمية وكنيسة الراهب وكنيسة توما خارج باب توما وسائر الكائس التي بقرى الحواجز فخيرهم بين رد ما سالوه وتخريب هذه الكنائس كلها أو تبقى تلك الكنائس ويطيبوا نفسا للمسلمين بهذه البقعة فاتفقت آراؤهم بعد ثلاثة أيام على إبقاء تلك الكنائس ويكتب لهم كتاب أمان بها