قد تاب منها وأقلع عنها وإلا فهو باق في عهدتها ولكن قد يخشى أنها رويت عنه بنوع من زيادة عليه فإن الشيعة كانوا يبغضونه جدا لوجوه وربما حرفوا عليه بعض الكلم وزادوا فيما يحكونه عنه بشاعات وشناعات .
وقد روينا عنه أنه كان يتدين بترك المسكر وكان يكثر تلاوة القرآن ويتجنب المحارم ولم يشتهر عنه شيء من التلطخ بالفروج وإن كان متسرعا في سفك الدماء فالله تعالى أعلم بالصواب وحقائق الأمور وسائرها وخفيات الصدور وضمائرها .
[ قلت الحجاج أعظم ما نقم عليه وصح من أفعاله سفك الدماء وكفى به عقوبة عند الله D وقد كان حريصا على الجهاد وفتح البلاد وكان فيه سماحة بإعطاء المال لأهل القرآن فكان يعطي على القرآن كثيرا ولما مات لم يترك فيما قيل إلا ثلثمائة درهم والله أعلم ] .
وقال المعافى بن زكريا الجريري المعروف بابن طرار البغدادي ثنا محمد بن القاسم الأنباري ثنا أبي ثنا أحمد بن عبيد ثنا هشام أبو محمد بن السائب الكلبي ثنا عوانه بن الحكم الكلبي قال دخل أنس بن مالك على الحجاج بن يوسف فلما وقف بين يديه قال له إيه إيه يا أنيس يوم لك مع علي ويوم لك مع ابن الزبير ويوم لك مع ابن الأشعث والله لأستأصلنك كما تستأصل الشاة ولأدمغنك كما تدمغ الصمغة فقال أنس إياي يعني الأمير أصلحة الله قال إياك أعنى صك الله سمعك قال أنس إنا لله وإنا إليه راجعون والله لولا الصبية الصغار ما باليت أي قتلة قتلت ولا أي ميتة مت ثم خرج من عند الحجاج فكتب إلى عبد الملك بن مروان يخبره بما قال له الحجاج فلما قرأ عبد الملك كتاب أنس استشاط غضبا وشفق عجبا وتعاظم ذلك من الحجاج وكان كتاب أنس إلى عبد الملك .
بسم الله الرحمن الرحيم إلى عبد الملك بن مرروان أمير المؤمنين من أنس بن مالك أما بعد فإن الحجاج قال لي هجرا وأسمعني نكرا ولم أكن لذلك أهلا فخذلنى على يديه فإني أمت يخدمتي رسول الله ( ص ) وصحبتي إياه والسلام عليك ورحمة الله وبركاته فبعث عبد الملك إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر وكان مصادقا للحجاج فقال له دونك كتابي هذين فخذهما واركب البريد إلى العراق وابدأ بأنس بن مالك صاحب رسول الله ( ص ) فارفع كتابي إليه وأبلغه مني السلام وقل له يا أبا حمزة قد كتبت إلى الحجاج الملعون كتابا إذا قرأه كان أطوع لك من أمتك وكان كتاب عبد الملك إلى أنس بن مالك .
بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الملك بن مروان إلى أنس بن مالك خادم رسول الله ( ص )