تجترئ على الله ولا أجترئ أنا عليك ومن أنت حتى لا أجترئ عليك وأنت تجترئ على الله رب العالمين فقال خلوا سبيله فاطلق .
وقال المدائني أتبى الحجاج بأسيرين من أصحاب ابن الأشعث فأمر بقتلهما فقال أحدهما إن لي عندك يدا قال وما هي قال ذكر ابن الأشعث يوما أمك فرددت عليه فقال ومن يشهد لك قال صاحبي هذا فسأله فقال نعم فقال ما منعك أن تفعل كما فعل قال بغضك قال اطلقوا هذا لصدقة وهذا لفعله فأطلقوهما وذكر محمد بن زياد عن ابن الأعرابي فيما بلغه أنه كان رجل من بني حنيفة يقال له جحدر بن مالك وكان فاتكا بأرض اليمامة فأرسل الحجاج إلى نائبها يؤنبه ويلومه على عدم أخذه فما زال نائبها في طلبه حتى أسره وبعث به إلى الحجاج فقال له الحجاج ما حملك على ما كنت تصنعه فقال جراءة الجنان وجفاء السلطان وكلب الزمان ولو اختبرني الأمير لوجدن من صالح الأعوان وشهم الفرسان ولوجدني من أصلح رعيته وذلك أني مالقيت فارسا قط إلا كنت عليه في نفسي مقتدرا فقال له الحجاج إنا قاذفوك في حائر فيه أسد عاقر فإن قتلك كفانا مؤنتك وإن قتلته خلينا سبيلك ثم أودعه السجن مقيدا مغلولة يده اليمنى إلى عنقه وكتب الحجاج إلى نائبه بكسكر أن يبعث بأسد عظيم ضار وقد قال جحدر هذا في محبسه هذا أشعارا يتحزن فيها على امرأته سليمى أم عمرو يقول في بعضها ... اليس الليل يجمع أم عمرو ... * وإيانا فذاك بنا تداني ... بلى وترى الهلال كما نراه ... * ويعلوها النهار إذا علاني ... إذا جاوزتما نخلات نجد ... * وأودية اليمامة فانعياني ... وقولا جحدر أمسى رهينا ... * يحاذر وقع مصقول يماني ... .
فما قدم الأسد على الحجاج أمر به فجوع ثلاثة أيام ثم أبرز إلى حائر وهو البستان وأمر بجحدر فأخرج في قيوده ويده اليمنى مغلولة بحالها وأعطى سيفا في يده اليسرى وخلى بينه وبين الأسد وجلس الحجاج وأصحابه في منظرة وأقبل جحدر نحو الأسد وهو يقول ... ليث وليث في مجال ضنك ... * كلاهما ذو أنف ومحك ... وشدة في نفسه وفتك ... * إن يكشف الله قناع الشك ... * ... فهو أحق منزل بترك ... * .
فما نظر إليه الأسد زأر زأرة شديدة وتمطى وأقبل نحوه فلما صار منه على قدر رمح وثب الأسد على جحدر وثبة شديدة فتلقاه جحدر بالسيف فضربه ضربة خالط ذباب السيف هواته فخر الأسد كأنه خيمة قد صرعتها الريح من شدة الضربة وسقط حجدر من شدة وثبة الأسد وشدة موضع