إلا كنتم أتباعه وأنصاره يا أهل العراق ألم تنفعكم المواعظ ألم تزجركم الوقائع ألم يشدد الله عليكم وطأته ويذقكم حر سيفه وأليم بأسه ومثلاته ثم التفت إلى أهل الشام فقال يا أهل الشام إنما أنا لكم كالظليم الرامح عن فراخه ينفي عنه القذر ويباعد عنها الحجر ويكنها من المطر ويحميها من الضباب ويحرسها من الذباب يا أهل الشام أنتم الجنة والبرد وأنتم الملاءة والجلد أنتم الأولياء والأنصار والشعار والدثار بكم يذب عن البيضة والحوذة وبكم ترمي كتائب الأعداء ويهزم من عاند وتولى .
قال ابن أبي الدنيا حدثني محمد بن الحسين حدثنا عبيد الله بن محمد التميمي سمعت شيخا من قريش يكنى أبا بكر التيمي قال كان الحجاج يقول في خطبته وكان لسنا إن الله خلف آدم وذريته من الأرض فأمشاهم على ظهرها فأكلوا ثمارها وشربوا أنهارها وهتكوها بالمساحى والمرور ثم أدال الله الأرض منهم فردهم إليها فأكلت لحومهم كما أكلوا ثمارها وشربت دمائهم كما شربوا أنهارها وقطعتهم في جوفها وفرقت أوصالهم كما هتكوها بالمساحى والمرور .
ومما رواه غير واحد عن الحجاج أنه قال في خطبته في المواعظ الرجل وكلكم ذاك الرجل رجل خطم نفسه وزمها فقادها بخطامها إلى طاعة الله وكفها بزمامها عن معاصي الله رحم الله امرءا رد نفسه أمرءا اتهم نفسه أمرءا اتخذ نفسه عدوة أمرءا حاسب نفسه قبل أن يكون الحساب إلى غيره أمرءا نظر إلى ميزانه أمرءا نظر إلى حسابه أمرءا وزن عمله أمرءا فكر فيما يقرأ غدا في صحيفته ويراه في ميزانه وكان عند قلبه زاجرا وعند همه آمرا أمرءا أخذ بعنان عمله كما يأخذ بعنان جمله فإن قاده إلى طاعة الله تبعه وإن قاده إلى معصية الله كف أمرءا عقل عن الله أمره أمرءا فاق واستفاق وابغض المعاصي والنفاق وكان إلى ما عند الله بالأشواق فما زال يقول أمرءا أمرءا حتى بكى مالك بن دينار .
وقال المدائني عن عوانه بن الحكم قال قال الشعبي سمعت الحجاج تكلم بكلام ما سبقه إليه أحد يقول أما بعد فإن الله تعالى كتب على الدنيا الفناء وعلى الآخرة البقاء فلا فناء لما كتب عليه البقاء ولا بقاء لما كتب عليه الفناء فلا يغرنكم شاهد الدنيا عن غائب الآخرة واقهروا طول الأمل بقصر الأجل وقال المدائني عن أبي عبد الله الثقفي عن عمه قال سمعت الحسن البصري يقول وقذتني كلمة سمعتها من الحجاج سمعته يقول على هذه الأعواد إن امرءا ذهبت ساعة من عمره في غير ما خلق له لحرى أن تطول عليها حسرته إلى يوم القيامة وقال شريك القاضي عن عبد الملك بن عمير قال قال الحجاج يوما من كان له بلاء أعطيناه على قدره فقام رجل فقال