عن رجل قال لما قتل الحجاج سعيد بن جبير فندر رأسه هلل ثلاثا مرة يفصح بها وفي الثنتين يقول مثل ذلك لا يفصح بها وذكر أبو بكر الباهلي قال سمعت أنس بن أبي شيخ يقول لما أتى الحجاج بسعيد بن جبير قال لعن ابن النصرانية يعني خالد القسري وكان هو الذي أرسل به من مكة أما كنت أعرف مكانه بلى والله والبيت الذي هو فيه بمكة ثم أقبل عليه فقال يا سعيد ما أخرجك على فقال أصلح الله الأمير أنا امرؤ من المسلمين يخطئ مرة ويصيب أخرى فطابت نفس الحجاج وانطلق وجهه ورجا الحجاج أن يتخلص من أمره ثم عاوده في شيء فقال سعيد إنما كانت بيعة في عنقي فغضب عند ذلك الحجاج فكان ما كان من قتله وذكر عتاب ابن بشر عن سالم الأفطس قال أتى الحجاج بسعيد بن جبير وهو يريد الركوب وقد وضع إحدى رجليه في الغرز فقال والله لا أركب حتى تتبوأ مقعدك من النار اضربوا عنقه فضربت عنقه قال والتبس الحجاج في عقله مكانه فجعل يقول قيودنا قيودنا فظنوا أنه يريد القيود التي على سعيد فقطعوا رجليه من أنصاف ساقيه وأخذوا القيود .
وقال محمد بن أبي حاتم ثنا عبد الملك بن عبد الله بن خباب قال جيء بسعيد بن جبير إلى الحجاج فقال كتبت إلى مصعب بن الزبير فقال بلى كتبت إلى مصعب قال لا والله لأقتلنك قال إني إذا لسعيد كما سمتني أمي قال فقتله فلم يلبث الحجاج بعده إلا أربعين يوما وكان إذا نام يراه في المنام يأخذ يمجامع ثوبه ويقول يا عدو الله فيم قتلتني فيقول الحجاج مالي ولسعيد بن جبير مالي ولسعيد بن جبير قال ابن خلكان كان سعيد بن جبير بن هشام الأسدي مولى بني والبة كوفيا أحد الأعلام من التابعين وكان اسود اللون وكان لا يكتب على الفتيا فلما عمى ابن عباس كتب فغضب ابن عباس من ذلك وذكر مقتله كنحو ما تقدم وذكر أنه كان في شعبان وأن الحجاج مات بعده في رمضان وقيل قبل بستة أشهر وذكر عن الإمام أحمد أنه قال قتل سعيد بن جبير وما على وجه الأرض أحد إلا وهو محتاج أو قال مفتقر إلى علمه ويقال إن الحجاج لم يسلط بعده على أحد وسيأتي في ترجمة الحجاج أيضا شيء من هذا قال ابن جرير وكان يقال لهذه السنة سنة الفقهاء لأنه مات فيها عامة فقهاء المدينة مات في أولها علي بن الحسين بن زين العابدين ثم عروة بن الزبير ثم سعيد بن المسيب وأبو بكر عبد الرحمن بن الحارث بن هشام وسعيد بن جبير من أهل مكة وقد ذكرنا تراجم هؤلاء في كتابنا التكميل وسنذكر طرفا صالحا هاهنا إن شاء الله تعالى .
قال ابن جرير واستقضى الوليد بن عبد الملك في هذه السنة على الشام سليمان بن صرد وحج بالناس فيها العباس بن الوليد ويقال مسلمة بن عبد الملك وكان على نيابة مكة خالد القسري وعلى