وشرقا وشمالا فجعلوا يفتتحون المغرب بلدا بلدا وإقليما إقليما ويغنمون الأموال ويسبون الذراري والنساء ورجع موسى بن نصير بغنائم وأموال وتحف لا تحصى ولا تعد كثرة .
وفيها قحط أهل إفريقية وأجدبوا جدبا شديدا فخرج بهم موسى بن نصير يستسقي بهم فمازال يدعو حتى انتصف النهار فلما أراد أن ينزل عن المنبر قيل له ألا تدعوا لأمير المؤمين قال ليس هذا الموضع موضع ذاك فلما قال هذه المقالة ارسل الله عليهم الغيث فأمطروا مطرا غزيرا وحسن حالهم وأخصبت بلادهم وفيها ضرب عمر بن عبد العزيز خبيب بن عبد الله بن الزبير خمسين سوطا بأمر الوليد له في ذلك وصب فوق رأسه قربة من ماء بارد في يوم شتاء بارد واقامه على باب المسجد يوم ذلك فمات C وكان عمر بن عبد العزيز بعد موت خبيب شديد الخوف لا يأمن وكان إذا بشر بشيء من أمر الآخرة يقول وكيف وخبيب لي بالطريق وفي رواية يقول هذا إذا لم يكن خبيب في الطريق ثم يصيح صياح المرأة الثكلى وكان إذا أثنى عليه يقول خبيب وما خبيب إن نجوت منه فأنا بخير وما زال على المدينة إلى أن ضرب خبيبا فمات فاستقال وركبه الحزن والخوف من حينئذ وأخذ في الاجتهاد في العبادة والبكاء وكانت تلك هفوة منه وزلة ولكن حصل له بسببها خير كثير من عبادة وبكاء وحزن وخوف وإحسان وعدل وصدقة وبر وعتق وغير ذلك .
وفيها افتتح محمد بن القاسم وهو ابن عم الحجاج بن يوسف مدينة الدبيل وغيرها من بلاد الهند وكان قد ولاه الحجاج عزو الهند وعمره سبع عشرة سنة فسار في الجيوش فلقوا الملك داهر وهو ملك الهند في جمع عظيم ومعه سبع وعشرون فيلا منتخبة فاقتتلوا فهزمهم الله وهرب الملك داهر فلما كان الليل أقبل الملك ومعه خلق كثير جدا فاقتتلوا قتالا شديدا فقتل الملك داهر وغالب من معه وتبع المسلمون من انهزم من الهنود فقتلوه ثم سار محمد بن القاسم فافتتح مدينة الكبرج وبرها ورجع بغنائم كثيرة واموال لا تحصى كثرة من الجواهر والذهب وغير ذلك فكانت سوق الجهاد قائمة في بني أمية ليس لهم شغل إلا ذلك قد علت كلمة الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها وبرها وبحرها وقد أذلوا الكفر وأهله وامتلأت قلوب المشركين من المسلمين رعبا لا يتوجه المسلمون إلى قطر من الأقطار إلا أخذوه وكان في عساكرهم وجيوشهم في الغزو الصالحون والأولياء والعلماء من كبار التابعين في كل جيش منهم شرذمة عظيمة ينصر الله بهم دينه فقتيبة ابن مسلم يفتح في بلاد الترك يقتل ويسبي ويغنم حتى وصل إلى تخوم الصين وأرسل إلى ملكه يدعوه فخاف منه وأرسل له هدايا وتحفا وأموالا كثيرة هدية وبعث يستعطفه مع قوته وكثرة جنده بحيث أن ملوك تلك النواحي كلها تؤدي إليه الخراج خوفا منه ولو عاش الحجاج لما أقلع عن بلاد