الجوزجان فأخذها من ملكها واستعمل عليها ثم أتى بلخ فدخلها وأقام بها نهارا واحدا ثم خرج منه وقصد نيزك خان ببغلان وقد نزل نيزك خان معسكرا على فم الشعب الذي منه يدخل إلى بلاده وفي قم الشعب قلعة عظيمة تسمى شمسية لعلوها وارتفاعها واتساعها فقدم على قتيبة الرؤي خان ملك الرؤب وسمنجان فاستأمنه على أن يدله على مدخل القلعة فأمنه وبعث معه رجالا إلى القلعة فأتوها ليلا ففتحوها وقتلوا خلقا من أهلها وهرب الباقي ودخل قتيبة الشعب وأتى سمنجان وهي مدينة كبيرة فأقام بها وارسل أخاه عبد الرحمن خلق ملك تلك المدن والبلاد نيزك خان في جيش هائل فسار خلفه إلى بغلان فحصره بها وأقام بحصاره شهرين حتى نفد ما عنده من الأقوات فأرسل قتيبة من عنده ترجمانا يسمى الناصح فقال له اذهب فائتني بنيزك خان ولئن عدت إلي وليس هو معك ضربت عنقك وأرسل قتيبة معه هدايا وأطعمة فاخرة فسار الترجمان إلى نيزك حتى أتاه وقدم إليه الأطعمة فوقع عليها أصحابه يتخاطفونها وكانوا قد أجهدهم الجوع ثم أعطاه الناصح الأمان وحلف له فقدم به على قتيبة ومعه سبعمائة أمير من أصحابه ومن أهل بيته جماعة وكذلك استأمن قتيبة جماعة من الملوك فأمنهم وولى على بلادهم والله سبحانه وتعالى أعلم .
قال الواقدي وغيره وحج بالناس في هذه السنة أمير المؤمنين الوليد بن عبد الملك فلما قرب من المدينة أمر عمر بن عبد العزيز أشراف المدينة فتلقوه فرحب بهم وأحسن إليهم ودخل المدينة النبوية فأخلى له المسجد النبوي فلم يبق به أحد سوى سعيد بن المسيب لم يتجاسر أحد أن يخرجه وإنما عليه ثياب لا تساوي خمسة دراهم فقالوا له تنح عن المسجد أيها الشيخ فإن أمير المؤمنين قادم فقال والله لا أخرج منه فدخل الوليد المسجد فجعل يدور فيه يصلي ههنا وههنا ويدعو الله D قال عمر بن عبد العزيز وجعلت أعدل به عن موضع سعيد خشية أن يراه فحانت منه التفاتة فقال من هذا هو سعيد بن المسيب فقلت نعم يا أمير المؤمنين ولو علم بأنك قادم لقام إليك وسلم عليك فقال قد علمت بغضه لنا فقلت يا أمير المؤمنين إنه وإنه وشرعت أثنى عليه وشرع الوليد يثني عليه بالعلم والدين فقلت يا أمير المؤمنين إنه ضعيف البصر وإنما قلت ذلك لاعتذر له فقال نحن أحق بالسعي إليه فجاء فوقف عليه فسلم عليه فلم يقم له سعيد ثم قال الوليد كيف الشيخ فقال بخير والحمد لله كيف أمر المؤمنين فقال الوليد بخير والحمد لله وحده ثم انصرف وهو يقول لعمر بن عبد العزيز هذا فقيه الناس فقال أجل يا أمير المؤمنين قالوا ثم خطب الوليد على منبر رسول الله ( ص ) فجلس في الخطبة الأولى وانتصب في الثانية قال وقال هكذا خطب عثمان ثم انصرف فصرف على الناس من أهل المدينة ذهبا كثيرا وفضة كثيرة ثم كسا المسجد النبوي كسوة من كسوة الكعبة التي معه وهي من ديباج غليظ