وفقدت صالح الأخوان ولم أجد من الأمير خلفا قال انصرف يا شعبي فانصرفت ذكر ذلك ابن جرير وغيره ورواه أبو مخنف عن إسماعيل بن عبد الرحمن السدي عن الشعبي .
وروى البيهقي أنه سأله عن مسألة في الفرائض وهي أم زوج وأخت وما كان يقوله فيها الصديق وعمر وعثمان وعلي وابن مسعود وكان لكل منهم قول فيها فنقل ذلك كله الشعبي في ساعة فاستحسن قول على وحكم بقول عثمان وأطلق الشعبي بسسبب ذلك وقيل إن الحجاج قتل خمسة آلاف أسير ممن سيرهم إليه يزيد بن المهلب كما تقدم ذلك ثم سار إلى الكوفة فدخلها فجعل لا يبايع أحدا من أهلها إلا قال أشهد على نفسك أنك قد كفرت فإذا قال نعم بايعه وإن أبى قتله فقتل منهم خلقا كثيرا ممن أبى أن يشهد على نفسه بالكفر قال فأتى برجل فقال الحجاج ما أظن هذا يشهد على نفسه بالكفر لصلاحه ودينه واراد الحجاج مخادعته فقال أخادعي أنت عن نفسي أنا أكفر أهل الأرض وأكفر من فرعون وهامان ونمروذ قال فضحك الحجاج وخلى سبيله .
وذكر ابن جرير من طريق أبي مخنف أن أعشى همدان أتى به إلى الحجاج وكان قد عمل قصيدة هجا فيها الحجاج وعبد الملك بن مروان ويمدح فيها ابن الأشعث وأصحابه فاستنشده إياها فأنشده قصيدة طويلة دالية فيها مدح كثير لعبد الملك وأهل بيته فجعل أهل الشام يقولون قد أحسن أيها الأمير فقال الحجاج إنه لم يحسن إنما يقول هذا مصانعة ثم ألح عليه حتى أنشده قصيدته الأخرى فلما أنشدها غضب عندك ذلك الحجاج وأمر به فضربت عنقه صبرا بين يديه واسم الأعشى هذا عبد الرحمن بن عبد الله بن الحارث أبو المصبح الهمداني الكوفي الشاعر أحد الفصحاء البلغاء المشهورين وقد كان له فضل وعبادة في مبتداه ثم ترك ذلك وأقبل على الشعر فعرف به وقد وفد على النعمان بن بشير وهو أمير بحمص فامتدحه وكان محصوله في رحلته إليه منه ومن جند حمص أربعين ألف دينار وكان زوج أخت الشعبي كما أن الشعبي كان زوج أخته أيضا وكان ممن خرج مع ابن الأشعث فقتله الحجاج كما ذكرنا C .
وقد كان الحجاج وهو مواقف لابن الأشعث بعث كمينا يأتون جيش ابن الأشعث من ورائه ثم توافق الحجاج وابن الأشعث وهرب الحجاج بمن معه وترك معسكره فجاء ابن الأشعث فاحتاز ما في المعسكر وبات فيه فجاءت السرية إليهم ليلا وقد وضعوا أسلحتهم فمالوا عليهم ميلة واحدة ورجع الحجاج بأصحابه فأحاطوا بهم فاقتتلوا قتالا شديدا وقتل من أصحاب ابن الأشعث خلق كثير وغرق خلق كثير منهم في دجلة ودجيل وجاء الحجاج إلى معسكرهم فقتل من وجده فيه فقتل منهم نحوا من أربعة آلاف منهم جماعة من الرؤساء والأعيان واحتازوه بكماله وأنطلق ابن الأشعث هاربا في ثلاثمائة فركبوا دجيلا في السفن وعقروا دوابهم وجازوا إلى البصرة ثم ساروا من هنالك