الثغور والطرق والمسالك ثم إن الحجاج ركب فيمن معه من الجيوش الشامية من البصرة في البر حتى مر بين القادسية والعذيب وبعث إليه ابن الأشعث عبد الرحمن بن العباس في خيل عظيمة من المصرين فمنعوا الحجاج من دخول القادسية فسار الحجاج حتى نزل دير قره وجاء ابن الأشعث بمن معه من الجيوش البصرية والكوفية حتى نزل دير الجماجم ومعه جنود كثيرة وفيهم القراء وخلق من الصالحين وكان الحجاج بعد ذلك يقول قاتل الله ابن الأشعث أما كان يزجر الطير حيث رآني قد نزلت دير قره ونزل هو بدير الجماجم وكان جملة من اجتمع مع ابن الأشعث مائة ألف مقاتل ممن يأخذ العطاء ومعهم مثلهم من مواليهم وقدم على الحجاج في غبون ذلك أمداد كثيرة من الشام وخندق كل من الطائفتين على نفسه وحول جيشه خندقا يمتنع به من الوصول إليهم غير أن الناس كان يبرز بعضهم لبعض في كل يوم فيقتتلون قتالا شديدا في كل حين حتى أصيب من رؤوس الناس خلق من قريش وغيرهم واستمر هذا الحال مدة طويلة واجتمع الأمراء من أهل المشورة عند عبد الملك بن مروان فقالوا له إن كان أهل العراق يرضيهم منك أن تعزل عنهم الحجاج فهو أيسر من قتالهم وسفك دمائهم فاستحضر عبد الملك عند ذلك أخاه محمد بن مروان وابنه عبد الله بن عبد الملك بن مروان ومعهما جنود كثيرة جدا وكتب معهما كتابا إلى أهل العراق يقول لهم إن كان يرضيكم مني عزل الحجاج عنكم عزلته عنكم وبعثت عليكم أعطياتكم مثل أهل الشام وليختر ابن الأشعث أي بلد شاء يكون عليه أميرا ما عاش وعشت وتكون إمرة العراق لمحمد بن مروان وقال في عهده هذا فإن لم تجب أهل العراق إلى ذلك فالحجاج على ما هو عليه وإليه إمرة الحرب ومحمد بن مروان وعبد الله بن عبد الملك في طاعة الحجاج وتحت أمره لا يخرجون عن رأيه في الحرب وغيره .
ولما بلغ الحجاج ما كتب به عبد الملك إلى أهل العراق من عزله إن رضوا به شق عليه ذلك مشقة عظيمة جدا وعظم شأن هذا الرأي عنده وكتب إلى عبد الملك يا أمير المؤمنين والله لئن أعطيت أهل العراق نزعى عنهم لا يلبثون إلا قليلا حتى يخالفوك ويسيروا إليك ولا يزيدهم ذلك إلا جرأة عليك ألم تر و تسمع بوثوب أهل العراق مع الأشتر النخعي على ابن عفان فلما سألهم ما تريدون قالوا نزع سعيد بن العاص فلما نزعه لم تتم لهم السنة حتى ساروا إليه فقتلوه وإن الحديد بالحديد يفلح كان الله لك فيما ارتأيت والسلام عليك .
قال فأبى عبد الملك إلا عرض هذه الخصال على أهل العراق كما أمر فتقدم عبد الله ومحمد فنادى عبد الله يا معشر أهل العراق أنا عبد الله ابن أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان وإنه يعرض عليكم كيت وكيت فذكر ما كتب به أبوه معه إليهم من هذه الخصال وقال محمد بن مروان وأنا رسول