بلغ الصراة وخرج إليه الحجاج بمن معه من الشامين وغيرهم فلما تواجه الفريقان نظر الحجاج الى شبيب وهو فى ستمائة فخطب الحجاج أهل الشام وقال يا أهل الشام أنتم أهل السمع والطاعة والصبر واليقين لا يغلبن باطل هؤلاء الأراجس حقكم غضوا الأبصار واجثوا على الركب واستقبلوا بأطراف الأسنة ففعلوا ذلك وأقبل شبيب وقد عبى أصحابه ثلاث فرق واحدة معه وأخرى مع سويد ابن سليم وأخرى مع المجلل بن وائل وأمر شبيب سويدا أن يحمل فحمل على جيش الحجاج فصبروا له حتى إذا دنا منهم وثبوا إليه وثبة واحدة فانهزم عنهم فنادى الحجاج يا أهل السمع والطاعة هكذا فافعلوا ثم أمر الحجاج فقدم كرسيه الذى هو جالس عليه إلى الأمام ثم أمر شبيب المجلل أن يحمل فحمل فثبتوا له وقدم الحجاج كرسيه إلى أمام ثم إن شبيبا حمل عليهم فى فى كثيبته فثبتوا له حتى إذا غشى أطراف الأسنة وثبوا فى وجهه فقاتلهم طويلا ثم أهل الشام طاعنوه حتى ألحقوه بأصحابه فلما رأى صبرهم نادى ياسويد احمل فى خيلك على أهل هذه السرية لعلك تزيل أهلها عنها فأت الحجاج من ورائه ونحمل نحن عليه من أمامه فحمل فلم يفد ذلك شيئا وذلك أن الحجاج كان قد جعل عروة بن المغيرة بن شعبة فى ثلاثمائة فارس ردأ له من ورائه لئلا يؤتوا من خلفهم وكان الحجاج بصيرا بالحرب أيضا فعند ذلك حرض شبيب أصحابه على الحملة وأمرهم بها ففهم ذلك الحجاج فقال يا أهل السمع والطاعة اصبروا لهذه الشدة الواحدة ثم ورب السماء والأرض ماشئ دون الفتح فجثوا على الركب وحمل عليهم شبيب بجميع أصحابه فلما غشيهم نادى الحجاج بجماعة الناس فوثبوا في وجهه فما زالوا يطعنون ويطعنون وهم مستظهرون على شبيب وأصحابه حتى ردوهم عن مواقفهم إلى ما ورائها فنادى شبيب فى أصحابه يا أولياء الله الأرض الأرض ثم نزل ونزلوا ونادى الحجاج يا أهل الشام يا أهل السمع والطاعة هذا أول النصر والذى نفسى بيده وصعد مسجدا هنالك وجعل ينظر إلى الفريقين ومع شبيب نحو عشرين رجلا معهم النبل واقتتل الناس قتالا شديدا عامة النهار من أشد قتال فى الأرض حتى أقر كل واحد منهم لصاحبه والحجاج ينظر إلى الفريقين من مكانه ثم إن خالد بن عتاب استأذن الحجاج فى أن يركب فى حماعة فيأتى الخوارج من خلفهم فآذن له فانطلق فى جماعة معه نحو من أربعة آلاف فدخل عسكر الخوارج من روائهم فقتل مصادا أخا شبيب وغزالة امرأة شبيب قتلها رجل يقال له فروة بن دقاق الكلبى وخرق فى جيش شبيب ففرح بذلك الحجاج وأصحابه وكبروا وانصرف شبيب وأصحابه كل منهم عل فرس فأمر الحجاج أن ينطلقوا في طلبهم فشدوا عليهم فهزموهم وتخلف شبيب فى حامية الناس ثم انطلق واتبعه الطلب فجعل يجلس وهو على فرسه حتى يخفق برأسه ودنا منه الطلب فجعل بعض أصحابه ينهاه عن النعاس فى هذه الساعة فجعل لا يكترث بهم