عنه يمينا وشمالا ولا يثبت له أحد وهو يقول ... إنى إذا أعرف يومى أصبر ... إذ بعضهم يعرف ثم ينكر ... .
وكانت أبواب الحرم قد قل من يحرسها من أصحاب ابن الزبير وكان لأهل حمص حصار الباب الذى يواجه باب الكعبة ولأهل دمشق باب بنى شيبة ولأهل الأردن باب الصفا ولأهل فلسطين باب بنى جمح ولأهل قنسرين باب بنى سهم وعلى كل باب قائد ومعه أهل تلك البلاد وكان الحجاج وطارق بن عمرو فى ناحية الأبطح وكان ابن الزبير لا يخرج على أهل باب إلافرقهم وبدد شملهم وهو غير ملبس حتى يخرجهم إلى الأبطح ثم يصيح لو كان قرنى واحدا كفيته فيقول ابن صفوان وأهل الشام أيضا إى والله وألف رجل ولقد كان حجر المنجنيق يقع على طرف ثوبه فلا ينزعج بذلك ثم يخرج إليهم فيقاتلهم كانه أسد ضارى حتى جعل الناس يتعجبون من إقدامه وشجاعته فلما كان ليلة الثلاثاء السابع عشر من جمادى الأولى من هذه السنة بات ابن الزبير يصلى طول ليلته ثم جلس ففاحتبى بحميلة سيفه فأغفى ثم انتبه مع الفجر على عادته ثم قال أذن يا سعد فأذن عند المقام وتوضأ ابن الزبير ثم صلى ركعتى الفجر ثم أقيمت الصلاة فصلى الفجر ثم قرأ سورة ن حرفا حرفا ثم سلم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال اكشفوا وجوهكم حتى أنظر إليكم فكشفوا وجوههم وعليهم المعافر فحرضهم وحثهم على القتال والصبر ثم نهض ثم حمل وحملوا حتى كشفوهم إلى الحجون فجاءته آجرة فأصابته فى وجهه فارتعش لها فلما وجد سخونة الدم يسيل على وجهه تمثل بقول بعضهم ... ولسنا على الأعقاب تدمى كلومنا ... ولكن على أقدامنا تقطر الدما ... .
ثم سقط إلى الأرض فأسرعوا إليه فقتلوه رضى الله عنه وجاؤا إلى الحجاج فأخبروه فخر ساجدا قبحه الله ثم قام هو وطارق بن عمرو حتى وقفا عليه وهو صريع فقال طارق ما ولدت النساء أذكر من هذا فقال الحجاج تمدح من يخالف طاعة أمير المؤمنين قال نعم هو أعذر لأنا محاصروه وليس هو فى حصن ولا خندق ولا منعة ينتصف منا بل يفضل علينا فى كل موقف فلما بلغ ذلك عبد الملك ضرب طارقا وروى ابن عساكر فى ترجمة الحجاج أنه لما قتل ابن الزبير ارتجت مكة بكاء على عبد الله بن الزبير C فخطب الحجاج الناس فقال أيها الناس إن عبد الله بن الزبير كان من خيار هذه الأمة حتى رغب فى الخلافة ونازعها أهلها وألحد فى الحرم فأذاق من عذابه الأليم وإن آدم كان أكرم على الله من ابن الزبير وكان فى الجنة وهى أشرف من مكة فلما خالف أمر الله وأكل من الشجرة التى نهى عنها أخرجه الله من الجنة قوموا إلى صلاتكم