بسيفه فقاتل حتى مات وذلك بعد خذلان أصحابه فذلك مصعب بن الزبير C وليس هو كمن قطع الجسور مرة ههنا ومرة ههنا فهذا هو الرجل هذا هو الزهد قالوا وكان مقتله يوم الخميس للنصف من جمادى الأولى سنة ثنتين وسبعين .
وقال الزبير بن بكار حدثنى فليح بن إسماعيل وجعفر بن أبى بشير عن أبيه قال لما وضع رأس مصعب بين يدى عبد الملك قال ... لقد أردى الفوارس يوم عبس ... غلام غير مناع المتاع ... ولا فرح بخير أن أتاه ... ولا هلع من الحدثان لاع ... ولا رقابة والخيل تعدو ... ولا خال كانبوب اليراع ... .
فقال الرجل الذى جاء برأسه والله يا أمير المؤمنين لو رأيته والرمح فى يده تارة والسيف تارة يفرى بهذا ويطعن بهذا لرأيت رجلا يملأ القلب والعين شجاعة لكنه لما تفرقت عنه رجاله وكثر من قصده وبقى وحده ما زال ينشد ... وإنى على المكره عند حضوره ... أكذب نفسى والجفون فلم تغض ... وما ذاك من ذل ولكن حفيظة ... أذب بها عند المكارم عن عرضى ... وإنى لأهل الشر بالشر مرصد ... وإنى لذى سلم أذل من الأرض ... .
فقال عبد الملك كان والله كما وصف به نفسه وصدق ولقد كان أحب الناس الى وأشدهم لى ألفة ومودة ولكن الملك عقيم وروى يعقوب بن سفيان عن سليمان بن حرب عن غسان بن مضر عن سعيد بن يزيد أن عبد الله بن زياد بن ظبيان قتل مصعبا عند دير الجاثليق على شاطىء نهر يقال له دجيل من أرض مسكن واحتز رأسه فذهب به إلى عبد الملك فسجد شكرا لله وكان ابن ظبيان فاتكا رديئا وكان يقول ليتنى قتلت عبد الملك حين سجد يومئذ فأكون قد قتلت ملكى العرب قال يعقوب وكان ذلك سنة ثنتين وسبعين فالله أعلم وحكى الزبير بن بكار فى عمره يوم قتل ثلاثة أقوال أحدها خمس وثلاثون سنة والثانى أربعون سنة والثالث خمس وأربعون سنة فالله أعلم .
وروى الخطيب البغدادى أن أمرأته سكينة بنت الحسين كانت معه فى هذه الوقعة فلما قتل طلبته فى القتلى حتى عرفته بشامة فى خده فقالت نعم بعل المرأة المسلمة كنت أدركك والله ما قال عنتر ... وخليل غانية تركت مجندلا ... بالقاع لم يعهد ولم يتثلم ... فهتكت بالرمح الطويل إهابة ... ليس الكريم على القنا بمحرم ... .
قال الزبير وقال عبد الله بن قيس الرقيات يرثى مصعب بن الزبير C تعالى