بأنى فررت من القتال فقال لابنه تقدم بين يدى حتى أحتسبك فتقدم ابنه فقاتل حتى قتل وأثخن مصعب بالرمى فنظر إليه زائدة بن قدامة وهو كذلك فحمل عليه فطعنه وهو يقول يا ثارات المختار ونزل البه رجل يقال له عبيد الله بن زياد بن ظبيان التميمى فقتله وحز رأسه وأتى به عبد الملك بن مروان فسجد عبد الملك وأطلق له ألف دينار فأبى أن يقبلها وقال لم أقتله على طاعتك ولكن بثأر كان لى عنده وكان قد ولى له عملا قبل ذلك فعزله عنه وأهانه .
قالوا ولما وضع رأس مصعب بين يدى عبد الملك قال عبد الملك لقد كان بينى وبين مصعب صحبة قديمة وكان من أحب الناس إلى ولكن هذا الملك عقيم وقال لما تفرق عن مصعب جموعه قال له ابنه عيسى لو اعتصمت ببعض القلاع وكاتبت من بعد عنك مثل المهلب بن أبي صفرة وغيره فقدموا عليك فاذا اجتمع لك ما تريد منهم لقيت القوم فانك قد ضعفت جدا فلم يرد عليه جوابا ثم ذكر ما جرى للحسين بن على وكيف قتل كريما ولم يلق بيده ولم يجد من أهل العراق وفاء وكذلك أبو وأخوه ونحن ما وجدنا لهم وفاء ثم انهزم أصحابه وبقى فى قليل من خواصه ومال الجميع إلى عبد الملك وقد كان عبد الملك يحب مصعبا حبا شديدا وكان خليلا له قبل الخلافة فقال لأخيه محمد اذهب إليه فأمنه فجاءه فقال له يا مصعب قد أمنك ابن عمك على نفسك وولدك ومالك وأهلك فاذهب حيث شئت من البلاد ولو أراد بك غير ذلك لكان فقال مصعب قضى الأمر إن مثلى لا ينصرف عن مثل هذا الموقف إلا غالبا أو مغلوبا فتقدم ابنه عيسى فقاتل فقال محمد بن مروان يا ابن أخى لا تقتل نفسك ثم ذكر من قوله ما تقدم ثم قاتل حتى قتل C ثم ذكر من قتل منهم بعده كما تقدم قال ولما وضع رأس مصعب بين يدى عبد الملك بكى وقال والله ما كنت أقدر أن أصبر عليه ساعة واحدة من حبى له حتى دخل السيف بيننا ولكن الملك عقيم ولقد كانت المحبة والحرمة بيننا قديمة متى تلد النساء مثل مصعب ثم أمر بمواراته ودفنه هو وابنه وإبراهيم بن الأشتر فى قبور بمسكن بالقرب من الكوفة قال المدائنى وكان مقتل مصعب بن الزبير يوم الثلاثاء الثالث عشر من جمادى الأولى أو الآخرة من سنة إحدى وسبعين فى قول الجمهور وقال المدائنى سنة ثنتين وسبعين والله أعلم .
قالوا ولما قتل عبد الملك مصعبا ارتحل إلى الكوفة فنزل النخيلة فوفدت عليه الوفود من رؤساء القبائل وسادات العرب وجعل يخاطبهم بفصاحة وبلاغة واستشهاد بأشعار حسنة وبايعه أهل العراق وفرق العمالات فى الناس وولى الكوفة قطن بن عبد الله الحرى أربعين يوما ثم عزله وولى أخاه بشر بن مروان عليها وخطب عبد الملك يوما بالكوفة فقال فى خطبته إن عبد الله بن الزبير لو كان خليفة كما يزعم لخرج فآسى بنفسه ولم يغرز ذنبه فى الحرم ثم قال لهم إنى قد استخلفت عليكم