فجمع العساكر فما تم سرور المختار حتى سار إليه مصعب بن الزبير من البصرة فى جيش هائل فقتله واحتز رأسه وأمر بصلب كفه على باب المسجد وبعث مصعب برأس المختار مع رجل من الشرط على البريد إلى أخيه عبد الله بن الزبير فوصل مكة بعد العشاء فوجد عبد الله يتنقل فما زال يصلى حتى أسحر ولم يلتفت إلى البريد الذى جاء بالرأس فلما كان قريب الفجر قال ما جاء بك فألقى إليه الكتاب فقرأه فقال يا أمير المؤمنين معى الرأس فقال ألقه على باب المسجد فألقاه ثم جاء فقال جائزتى يا أمير المؤمنين فقال جائزتك الرأس الذى جئت به تأخذه معك إلى العراق .
ثم زالت دولة المختار كأن لم تكن وكذلك سائر الدول وفرح المسلمون بزوالها وذلك لأن الرجل لم يكن فى نفسه صادقا بل كان كاذبا يزعم أن الوحى يأتيه على يد جبريل قال الامام احمد حدثنا ابن نمير حدثنا عيسى القارىء أبو عمير بن السدى عن رفاعة القبانى قال دخلت على المختار فألقى لى وسادة وقال لولا أن أخى جبريل قام عن هذه لألقيتها لك قال فأردت أن أضرب عنقه قال فذكرت حديثا حدثنيه أخى عمر بن الحمق قال قال رسول الله ص أيما مؤمن أمن مؤمنا على دمه فقتله فأنا من القاتل برىء وقال الامام أحمد حدثنا يحيى بن سعيد القطان عن حماد بن سلمة حدثنى عبد الملك بن عمير عن رفاعة بن شداد قال كنت أقوم على رأس المختار فلما عرفت كذبه هممت أن أسل سيفى فأضرب عنقه فذكرت حديثا حدثناه عمر بن الحمق قال سمعت رسول الله ص يقول من امن رجلا على نفسه فقتله أعطى لواء غدر يوم القيامة ورواه النسائى وابن ماجه من غير وجه عن عبد الملك بن عمير وفى لفظ لهما من أمن رجلا على دم فقتله فأنا برى من القاتل وإن كان المقتول كافرا وفى سند هذا الحديث اختلاف وقد قيل لابن عمر إن المختار يزعم أن الوحى يأتيه فقال صدق قال تعالى وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم وروى ابن ابى حاتم عن عكرمة قال قدمت على المختار فأكرمنى وأنزلنى عنده وكان يتعاهد مبيتى بالليل قال فقال لى اخرج فحدث الناس قال فخرجت فجاء رجل فقال ما تقول فى الوحى فقلت الوحى وحيان قال الله تعالى إنا أوحينا إليك هذا القرآن وقال تعالى وكذلك جعلنا لكل نبى عدوا شياطين الانس والجن يوحى بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا قال فهموا أن يأخذونى فقلت ما لكم وذاك إنى مفتيكم وضيفكم فتركونى وإنما أراد عكرمة أن يعرض بالمختار وكذبه فى ادعائه أن الوحى ينزل عليه .
وروى الطبرانى من طريق أنيسة بنت زيد بن الأرقم أن أباها دخل على المختار بن أبى عبيد فقال له يا أبا عامر لو شفت ( 1 ) رأى جبريل وميكائيل فقال له زيد خسرت وتعست أنت أهون