سبلا ما بايعتم بعد بيعة على أهدى منها ثم نزل فدخل الناس يبايعونه على كتاب الله وسنة رسوله والطلب بثأر أهل البيت وجاء رجل إلى المختار فأخبره أن ابن مطيع فى دار أبى موسى فأراه أنه لا يسمع قوله فكرر ذلك ثلاثا فسكت الرجل فلما كان الليل بعث المختار إلى ابن مطيع بمائة ألف درهم وقال له اذهب فقد أخذت بمكانك وكان له صديقا قبل ذلك فذهب ابن مطيع إلى البصرة وكره أن يرجع إلى ابن الزبير وهو مغلوب وشرع المختار بتحبب إلى الناس بحسن السيرة ووجد فى بيت المال تسعة آلاف ألف فأعطى الجيش الذين حضروا معه القتال نفقات كثيرة واستعمل على شرطته عبد الله بن كامل اليشكرى وقرب أشراف الناس فكانوا جلساءه فشق ذلك على الموالى الذين قاموا بنصره وقالوا لأبى عمرة كيسان مولى غزينة وكان على حرسه قدم والله أبو إسحاق العرب وتركنا فأنهى ذلك أبو عمرة إليه فقال بل هم منى وأنا منهم ثم قال إنا من المجرمين منتقمون فقال لهم أبو عمرة أبشروا فانه سيدنيكم ويقربكم فأعجبهم ذلك وسكتوا .
ثم إن المختار بعث الأمراء إلى النواحى والبلدان والرساتيق من أرض العراق وخراسان وعقد الالوية والرايات وقرر الامارة والولايات وجعل يجلس للناس غدوة وعشية يحكم بينهم فلما طال ذلك عليه استقصى شريحا فتكلم فى شريح طائفة من الشيعة وقالوا إنه شهد حجر بن عدى وإنه لم يبلغ عن هانىء بن عروة كما أرسله به وقد كان على بن ابى طالب عزله عن القضاء فلما بلغ شريحا ذلك تمارض ولزم بيته فجعل المختار مكانه عبد الله بن عتبة بن مسعود ثم عزله وجعل مكانه عبد الله بن مالك الطائى قاضيا فصل .
ثم شرع المختار يتتبع قتلة الحسين من شريف ووضيع فيقتله وكان سبب ذلك أن عبيد الله ابن زياد كان قد جهزه مروان من دمشق ليدخل الكوفة فإن ظفر بها فليبحها ثلاثة أيام فسار ابن زياد قاصدا الكوفة فلقى جيش التوابين فكان من أمرهم ما تقدم ثم سار من عين وردة حتى انتهى إلى الجزيرة فوجد بها قيس غيلان وهم من أنصار ابن الزبير وقد كان مروان أصاب منهم قتلى كثيرة يوم مرج راهط فهم إلب عليه وعلى ابنه عبد الملك من بعده فتعوق عن المسير سنة وهو فى حرب قيس غيلان بالجزيرة ثم وصل إلى الموصل فانحان نائبها عنه إلى تكريت وكتب إلى المختار يعلمه بذلك فندب المختار يزيد بن أنس فى ثلاثة آلاف اختارها وقال له إن سأمدك بالرجال بعد الرجال فقال له لا تمدنى إلا بالدعاء وخرج معه المختار إلى ظاهر الكوفة فودعه ودعا له