قال اللهم إنى لم أعمل عملا قط بعد شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله أحب إلى من قتل أهل المدينة وأجزى عندى فى الآخرة وإن دخلت النار بعد ذلك إنى لشقى ثم مات قبحه الله ودفن بالمسلك فيما قاله الواقدى .
ثم أتبعه الله بيزيد بن معاوية فمات بعده فى ربيع الأول لأربع عشرة ليلة خلت منه فما متعهما الله بشىء مما رجوه وأملوه بل قهرهم القاهر فوق عباده وسلبهم الملك ونزعه منهم من ينزع الملك ممن يشاء .
وسار حصين بن نمير بالجيش نحو مكة فانتهى إليها لأربع بقين من المحرم فيما قاله الواقدى وقيل لسبع مضين منه وقد تلاحق بابن الزبير جماعات ممن بقى من أشراف أهل المدينة وانضاف إليه نجدة بن عامر الحنفى من أهل اليمانة فى طائفة من أهلها ليمنعوا البيت من أهل الشام فنزل حصين بن نمير ظاهر مكة وخرج إليه ابن الزبير فى أهل مكة ومن التف معه فاقتتلوا عند ذلك قتالا شديدا وتبارز المنذر بن الزبير ورجل من أهل الشام فقتل كل واحد منهما صاحبه وحمل أهل الشام على أهل مكة حملة صادقة فانكشف أهل مكة وعثرت بغلة عبد الله بن الزبير به فكر عليه المسور بن مخرمة ومصعب بن عبد الرحمن بن عوف وطائفة فقاتلوا دونه حتى قتلوا جميعا وصابرهم ابن الزبير حتى الليل فانصرفوا عنه ثم اقتتلوا فى بقية شهر المحرم وصفرا بكماله فلما كان يوم السبت ثالث ربيع الأول سنة أربع وستين نصبوا المجانيق على الكعبة ورموها حتى بالنار فاحترق جدار البيت فى يوم السبت وهذا قول الواقدى وهم يقولون ... خطاره مثل الفتيق المزبد ... ترمى بها جدران هذا المسجد ... .
وجعل عمر بن حوطة السدوسى يقول .
... كيف ترى صنيع أم فروة ... تأخذهم بين الصفا والمروة ... .
وأم فروة اسم المنجنيق وقيل إنما احترقت لأن أهل المسجد جعلوا يوقدون النار وهم حول الكعبة فعلقت النار فى بعض أستار الكعبة فسرت إلى أخشابها وسقوفها فاحترقت وقيل إنما احترقت لأن ابن الزبير سمع التكبير على بعض جبال مكة فى ليلة ظلماء فظن أنهم أهل الشام فرفعت نار على رمح لينظروا من هؤلاء الذين على الجبل فأطارت الريح شررة من رأس الرمح إلى ما بين الركن اليمانى والأسود من الكعبة فعلقت فى أستارها وأخشابها فاحترقت وأسود الركن وانصدع فى ثلاثة أمكنة منه واستمر الحصار إلى مستهل ربيع الآخر وجاء الناس نعى يزيد بن معاوية وأنه قد مات لأربع عشرة ليلة خلت من ربيع الأول سنة أربع وستين وهو ابن خمس