بأنفسنا وأموالنا وأهلينا ونقاتل معك حتى نرد موردك فقبح الله العيش بعدك وقال نحو ذلك مسلم بن عوسجة الأسدى وكذلك قال سعيد بن عبد الله الحنفى والله لا نخليك حتى يعلم الله أنا قد حفظنا غيبة رسول الله ص فيك والله لو علمت أنى أقتل دونك ألف قتلة وأن الله يرفع اشرع بذلك القتل عنك وعن أنفس هؤلاء الفتية من أهل بيتك لأحببت ذلك وإنما هى قتلة واحدة وتكلم جماعة أصحابه بكلام يشبه بعضه بعضا من وجه واحد فقالوا والله لا نفارقك وأنفسنا الفداء لك نقيك بنحورنا وجباهنا وأيدينا وأبداننا فاذا نحن قتلنا وفينا وقضينا ما علينا وقال أخوة العباس لا أرانا الله يوم فقدك ولا حاجة لنا فى الحياة بعدك وتتابع أصحابه على ذلك وقال .
وقال أبو مخنف حدثنى الحارث بن كعب وأبو الضحاك عن على بن الحسين زين العابدين قال إنى لجالس تلك العشية التى قتل أبى فى صبيحتها وعمتى زينب تمرضنى إذا اعتزل أبى فى خبائه ومعه أصحابه وعنده حوى مولى أبى ذر الغفارى وهو يعالج سيفه ويصلحه وأبى يقول ... يا دهر أف لك من خليل ... كم لك بالأشراق والآصيل ... من صاحب أو طالب قتيل ... والدهر لا يقنع بالبديل ... وإنما الأمر إلى الجليل ... وكل حى سالك السبيل ... .
فأعادها مرتين أو ثلاثا حتى حفظتها وفهمت ما أراد فخنقتنى العبرة فرددتها ولزمت السكوت وعلمت أن البلاء قد نزل وأما عمتى فقامت حاسرة حتى انتهت إليه فقالت واثكلاه ليت الموت أعدمنى الحياة اليوم ماتت أمى فاطمة وعلى أبى وحسن أخى يا خليفة الماضى وثمال الباقى فنظر إليها وقال يا أخية لا يذهبن حلمك الشيطان فقالت بأبى أنت وأمى يا أبا عبد الله استقتلت ولطمت وجهها وشقت جيبها وخرت مغشيا عليها فقام إليها فصب على وجهها الماء وقال يا أخيه اتق الله واصبرى وتعزى بعزاء الله واعلمى أن أهل الأرض يموتون وأن أهل السماء لا يبقون وأن كل شىء هالك إلا وجه الله الذى خلق الخلق بقدرته ويميتهم بقهره وعزته ويعيدهم فيعبدونه وحده وهو فرد وحده واعلمى أن أبى خير منى وأمى خير منى وأخى خير منى ولى ولهم ولكل مسلم برسول الله أسوة حسنة ثم خرج عليها أن لا تفعل شيئا من هذا بعد مهلكه ثم أخذ بيدها فردها إلى عندى ثم خرج إلى أصحابه فأمرهم أن يدنوا بيوتهم بعضها من بعض حتى تدخل الأطناب بعضها فى بعض وأن لا يجعلوا للعدو مخلصا إليهم إلا من جهة واحدة وتكون البيوت عن أيمانهم وعن شمائلهم ومن ورائهم وبات الحسين وأصحابه طول ليلهم يصلون ويستغفرون ويدعون ويتضرعون وخيول حرس عدوهم تدور من ورائهم عليها عزرة بن قيس