المرادى ورجلان آخران وهما عمرو بن الحجاج ومعن السلمى وأقبل الحسين يكلم من بعث إليه ابن زياد وعليه جبة من برود فلما كلمهم انصرف فرماه رجل من بنى تميم يقال له عمرو الطهوى بسهم بين كتفيه فانى لأنظر إلى السهم بين كتفيه متعلقا بجبته فلما أبوا عليه رجع إلى مصافه وإنى لأنظر إليهم وهم قريب من مائة رجل فيهم لصلب على خمسة ومن بنى هاشم ستة عشر ورجل من بنى سليم حليف لهم ورجل من بنى كنانة حليف لهم وابن عم ابن زياد .
وقال حصين حدثنى سعد بن عبيدة قال إنا لمستنقعون الماء مع عمر بن سعد إذ أتاه رجل فساره فقال له قد بعث إليك ابن زياد جويرية بن بدر التميمى وأمره إن لم تقاتل القوم أن يضرب عنقك قال فوثب إلى فرسه فركبها ثم دعا بسلاحه فلبسه وإنه لعلى فرسه ونهض بالناس إليهم فقاتلوهم فجىء برأس الحسين إلى ابن زياد فوضع بين يديه فجعل يقول بقضيبه فى أنفه ويقول إن أبا عبد الله كان قد شمط قال وجىء بنسائه وبناته وأهله قال وكان أحسن شىء صنعه أن أمر لهم بمنزل فى مكان معتزل وأجرى عليهم رزقا وأمر لهم بنفقة وكسوة قال وانطلق غلامان منهم من أولاد عبد الله بن جعفر أو ابن أبى جعفر فأتيا رجلا من طىء فلجآ إليه مستجيران به فضرب أعناقهما وجاء برأسيهما حتى وضعهما بين يدى ابن زياد قال فهم ابن زياد بضرب عنقه وأمر بداره فهدمت قال وحدثنى مولى لمعاوية بن أبى سفيان قال لما أتى يزيد برأس الحسين فوضع بين يديه رأيته يبكى ويقول لو كان بين ابن زياد وبينه رحم ما فعل هذا يعنى ابن زياد قال الحصين ولما قتل الحسين لبثوا شهرين أو ثلاثة كأنما تلطخ الحوائط بالدماء ساعة تطلع الشمس حتى ترتفع .
قال أبو مخنف حدثنى لوذان حدثنى عكرمة أن أحد عمومته سأل الحسين أين تريد فحدثه فقال له أنشدك الله لما انصرفت راجعا فوالله ما بين يديك من القوم أحد يذب عنك ولا يقاتل معك وإنما والله أنت قادم على الأسنة والسيوف فان هؤلاء الذين بعثوا إليك لو كانوا كفوك مؤنة القتال ووطأوا لك الأشياء ثم قدمت عليهم بعد ذلك كان ذلك رأيا فأما على هذه الصفة فانى لا أرى لك أن تفعل فقال له الحسين إنه ليس يخفى على ما قلت وما رأيت ولكن الله لا يغلب على أمره ثم ارتحل قاصدا الكوفة وقال خالد بن العاص ... رب مستنصح يغش ويردى ... وظنين بالغيب يلقى نصيحا ... .
وقد حج بالناس فى هذه السنة عمرو بن سعيد بن العاص وكان عامل المدينة ومكة ليزيد وقد عزل يزيد عن إمرة المدينة الوليد بن عتبة وولاها عمرو بن سعيد بن العاص فى شهر رمضان منها والله سبحانه وتعالى أعلم