الجنة ألا وإنه يتكلم فى كل يوم ثلاث مرات فيقول أنا بيت الظلمة أنا بيت الدود أنا بيت الوحشة ألا وإن وراء ذلك يوم يشيب فيه الصغير ويسكر فيه الكبير وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد ألا وإن وراء ذلك ما هو أشد منه نار حرها شديد وقعرها بعيد وحليها ومقامعها حديد وماؤها صديد وخازنها مالك ليس لله فيه رحمة قال ثم بكى وبكى المسلمون حوله ثم قال ألا وإن وراء ذلك جنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين جعلنا الله وإياكم من المتقين وأجارنا وإياكم من العذاب الأليم ورواه ليث بن أبى سليم عن مجاهد حدثنى من سمع عليا فذكر نحوه وقال وكيع عن عمرو بن منبه عن أوفى بن دلهم قال خطب على فقال أما بعد فإن الدنيا قد أدبرت وآذنت بوداع وإن الآخرة قد أقبلت أشرفت باطلاع وإن المضمار اليوم وغدا السباق ألا وإنكم في أيام أمل من ورائه أجل فمن قصر في أيام أمله قبل حضور أجله فقد خاب عمله الرغبة كما تعملون له فى الرهبة ألا وأنه لم أر كالجنة نام طالبها ولم أر كالنار نام هاربها وإنه من لم ينفعه الحق ضره الباطل ومن لم يستقم به الهدى حاد به الضلال ألا وإنكم قد أمرتم بالظعن وذللتم على زاد ألا أيها الناس إنما الدنيا عرض حاضر يأكل منها البر والفاجر وإن الآخرة وعد الصادق يحكم فيها ملك قادر إلا أن الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا والله واسع عليم أيها الناس أحسنوا فى أعماركم تحفظوا فى أعقابكم فإن الله وعد جنته من أطاعه وأوعد ناره من عصاه إنها نار لا يهدأ زفيرها ولا يفك أسيرها ولا يجبرك كسيرها حرها شديد وقرعها بعيد وماؤها صديد وإن أخوف ما أخاف عليكم اتباع الهوى وطول الأمل وفى رواية فإن اتباع الهوى يصد عن الحق وإن طول الأمل ينسى الآخرة وعن عاصم بن ضمرة قال ذم رجل الدنيا عند على فقال على الدنيا دار صدق لمن صدقها ودار نجاة لمن فهم عنها ودار غنا وزاد لمن تزود منها ومهبط وحى الله ومصلى ملائكتة ومسجد أنبيائه ومتجر أوليائه ربحوا فيها الرحمة واكتسبوا فيها الجنة فمن ذا يذمها وقد آذنت بغيلها ونادت بفراقها وشابت بشرورها السرور وببلائها الرغبة فيها والحرص عليها ترغيبا وترهيبا فيا أيها الذام للدنيا المعلل نفسه بالأمالى متى خدعتك الدنيا أو متى اشتدمت إليك أبمصارع أبائك فى البلا أم بمضاجع أمهاتك تحت الثرى كم مرضت بيديك وعللت بكفيك ممن تطلب له الشفاء وتستوصف له الأطباء لا يغنى عنه دواؤك ولا ينفعه بكاؤك وقال سفيان الثورى والأعمش عن عمرو بن مرة عن أبى البخترى قال جاء رجل إلى على فأطراه وكان يبغض عليا فقال له لست كما تقول وأنا فوق ما فى نفسك وروى ابن عساكر أن رجلا قال لعلى ثبتك الله قال على صدرك قال ابن أبى الدنيا حدثنا إسحاق بن إسماعيل ثنا