فقام إليه مالك بن كعب الأوسي فندب إلى امتثال أمر علي والسمع والطاعة له فانتدب ألفان فأمر عليهم مالك بن كعب هذا فسار بهم خمسا ثم قدم على علي جماعة ممن كان مع محمد بن ابي بكر بمصر فأخبروه كيف وقع الأمر وكيف قتل محمد بن ابي بكر وكيف استقر أمر عمرو بها فبعث إلى مالك بن كعب فرده من الطريق وذلك أنه خشى عليهم من أهل الشام قبل وصولهم إلى مصر واستقر أمر العراقيين على مخالفة علي فيما يأمرهم به وينهاهم عنه والخروج عليه والبعد عن أحكامه وأقواله وأفعاله لجهلهم وقلة عقلهم وجفائهم وغلظتهم وفجور كثير منهم فكتب علي عند ذلك إلى ابن عباس وهو نائبه على البصرة يشكو إليه ما يلقاه من الناس من المخالفة والمعاندة فرد عليه ابن عباس يسليه في ذلك ويعزيه في محمد بن أبي بكر ويحثه على تلافي الناس والصبر على مسيئهم فان ثواب الله خير من الدنيا ثم ركب ابن عباس من البصرة إلى علي وهو بالكوفة واستخلف ابن عباس على البصره زيادا وفي هذا الحين بعث معاوية بن أبي سفيان كتابا مع عبد الله بن عمرو الحضرمي إلى أهل البصره يدعوهم إلى الاقرار بما حكم له عمرو بن العاص فلما قدمها نزل على بني تميم فأجاروه فنهض إليه زياد وبعث إليه أعين بن ضبيعة في جماعة من الناس فساروا إليهم فاقتتلوا فقتل أعين بن ضبيعة فكتب زياد إلى علي يعلمه بما وقع بالبصرة بعد خروج ابن عباس منها فبعث عند ذلك على جارية بن قدامة التميمي في خمسين رجلا إلى قومه بني تميم وكتب معه كتابا إليهم فرجع أكثرهم عن ابن الحضرمي وقصده جارية فحصره في دار هو وجماعة معه قيل كان عددهم أربعين وقيل سبعين فحرقهم بالنار بعد أن أعذر إليهم وأنذرهم فلم يقبلوا ولم يرجعوا عما جاؤا له فصل .
وقد صحح ابن جرير أن قتال علي لأهل النهروان كان في هذه السنة وكذلك خروج الحريث ابن راشد الناجي كان في هذه السنة ايضا وكان مع الحريث ثلثمائة رجل من قومه بني ناجية وكان مع علي بالكوفة فجاء إلى علي فقام بين يديه وقال والله يا علي لا أطيع أمرك ولا أصلي خلفك إني لك غدا لمفارق فقال له علي ثكلتك أمك إذا تعصى ربك وتنقض عهدك ولا تضر إلا نفسك ولم تفعل ذلك قال لأنك حكمت في الكتاب وضعفت عن قيام الحق إذ جد الجد وركنت إلى القوم الظالمين فأنا عليك زاري وعليك ناقم وإنا لكم جميعا مباينون ثم رجع إلى أصحابه فسار بهم نحو بلاد البصرة فبعث إليهم معقل بن قيس ثم أردفه بخالد بن معدان الطائي وكان من أهل الصلاح والدين والبأس والنجدة وأمره أن يسمع له ويطيع فلما اجتمعوا صاروا جيشا واحدا ثم خرجوا في آثار الحريث وأصحابه فلحقوهم وقد أخذوا في جبال رامهرمز قال فصففنا لهم ثم أقبلنا