ونصلت أسنتنا فانصرف بنا إلى مصرنا حتى نستعد بأحسن عدتنا ولعل أمير المؤمنين يزيد في عدتنا عدة من فارتنا وهلك منا فإنه أقوى لنا علي عدونا وكان الذي تكلم بهذا الأشعث بن قيس الكندي فبايعهم وأقبل بالناس حتى نزل بالنخيلة وأمرهم أن يلزموا معسكرهم ويوطنوا أنفسهم على جهاد عدوهم ويقلوا زيارة نسائهم وابنائهم فأقاموا معه أياما متمسكين برأيه وقوله ثم تسللوا حتى لم يبق منهم أحد إلا وصى أصحابه فقام علي فيهم خطيبا فقال الحمد لله فاطر الخلق وفالق الأصباح وناشر الموتى وباعث من في القبور وأشهد أن لا إله إلله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وأوصيكم بتقوى الله فأن أفضل ما توسل به العبد الإيمان والجهاد في سبيله وكلمة الأخلاص فأنها الفطرة وإقام الصلاة فأنها الملة وإيتاء الزكاة فأنها من فريضته وصوم شهر رمضان فانه جنة من عذابه وحج البيت فانه منفاة للفقر مدحضة للذنب وصلة الرحم فأنها مثراة في المال منساة في الأجل محبة في الأهل وصدقة السر فأنها تكفر الخطيئة وتطفىء غضب الرب وصنع المعروف فأنه يدفع مينة السوء ويقي مصارع الهول أفيضوا في ذكر الله فأنه أحسن الذكر وارغبوا فيما وعد المتقون فان وعد الله أصدق الوعد واقتدوا بهدى نبيكم A فأنه افضل الهدى واستسنوا بسنته فأنها أفضل السنن وتعلموا كتاب الله فأنه أفضل الحديث وتفقهوا في الدين فأنه ربيع القلوب واستشفوا بنوره فانه شفاء لما في الصدور وأحسنوا تلاوته فأنه أحسن القصص وإذا قرىء عليكم فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون وإذا هديتم لعلمه فاعملوا بما علتم به لعلكم تهتدون فإن العالم العامل بغير علمه كالجاهل الجائر الذي لا يستقيم عن جهله بل قد رأيت أن الحجة أعظم والحسرة أدوم على هذا العالم المنسلخ من علمه على هذا الجاهل المتحير في جهله وكلاهما مضلل مثبور لا ترتابوا فتشكوا ولا تشكوا فتكفروا ولا ترخصوا لأنفسكم فتذهلوا ولا تذهلوا في الحق فتخسروا ألا وان من الحزم أن تثقوا ومن الثقة أن لا تغتروا وإن أنصحكم لنفسه أطوعكم لربه وإن أغشكم لنفسه أعصاكم لربه من يطع الله يأمن ويستبشر ومن يعص الله يخف ويندم ثم سلوا الله اليقين وارغبوا إليه في العافية وخير ما دام في القلب اليقين إن عوازم الأمور أفضلها وإن محدثاتها شرارها وكل محدث بدعة وكل محدث مبتدع ومن ابتدع فقد ضيع وما أحدث محدث بدعة إلا ترك بها سنة المغبون من غبن دينه والمغبون من خسر نفسه وإن الريا من الشرك وإن الإخلاص من العمل والإيمان ومجالس اللهو تنسى القرآن ويحضرها الشيطان وتدعو إلى كل غي ومجالسة النساء تزيغ القلوب وتطمح إليه الأبصار وهي مصائد الشيطان فأصدقوا الله فأن الله مع من صدق وجانبوا الكذب فإن الكذب مجانب للأيمان ألا إن الصدق على شرف منجاة وكرامة وإن الكذب على شرف ردىء وهلكه ألا وقولوا الحق تعرفوا به