القتال فتناور طوائف من أطراف الجيش فتراموا بالحجارة ثم تحاجز الناس ورجع كل فريق إلى حوزته وقد صارت طائفة من جيش عثمان بن حنيف إلى جيش عائشة فكثروا وجاء حارثة ابن قدامة السعدي فقال يا أم المؤمنين والله لقتل عثمان أهون من خروجك من بيتك على هذا الجمل عرضة للسلاح إن كنت أتيتينا طائعة فارجعي من حيث جئت إلى منزلك وإن كنت أتيتينا مكرهة فاستعيني بالناس في الرجوع وأقبل حكيم بن جبلة وكان على خيل عثمان بن حنيف فأنشب القتال وجعل أصحاب أم المؤمنين يكفون أيديهم ويمتنعون من القتال وجعل حكيم يقتحم عليهم فاقتتلوا على فم السكة وأمرت عائشة أصحابها فتيامنوا حتى انتهوا إلى مقبرة بني مازن وحجز الليل بينهم فلما كان اليوم الثاني قصدوا للقتال فاقتتلوا قتالا شديدا إلى أن زال النهار وقتل خلق كثير من أصحاب ابن حنيف وكثرت الجراح في الفريقين فلما عضتهم الحرب تداعوا إلى الصلح على أن يكتبوا بينهم كتابا ويبعثوا رسولا إلى أهل المدينة يسأل أهلها إن كان طلحة والزبير أكرها على البيعة خرج عثمان بن حنيف عن البصرة وأخلاها إن لم يكونا أكرها على البيعة خرج طلحة والزبير عنها وأخلوها لهم وبعثوا بذلك كعب بن سور القاضي فقدم الميدنة يوم الجمعة فقام في الناس فسألهم هل بايع طلحة والزبير طائعين أو مكرهين فسكت الناس فلم يتكلم إلا أسامة بن زيد فقال بل كانا مكرهين فثار إليه بعض الناس فأرادوا ضربه فحاجف دونه صهيب وأبو أيوب وجماعة حتى خلصوه وقالوا له ما وسعك ما وسعنا من السكوت فقال لا والله ما كنت أرى أن الأمر ينتهي إلى هذا وكتب علي إلى عثمان بن حنيف يقول له إنهما لم يكرها على فرقة ولقد أكرها على جماعة وفضل فان كانا يريدان الخلع فلا عذر لهما وإن كانا يريدان غير ذلك نظرا ونظرنا وقد كعب بن سور على عثمان بكتاب علي فقال عثمان هذا أمر آخر غير ما كنا فيه وبعث طلحة والزبير إلى عثمان بن حنيف أن يخرج إليهما فأبى فجمعا الرجال في ليلة مظلمة وشهدا بهم صلاة العشاء في المسجد الجامع ولم يخرج عثمان بن حنيف تلك الليلة فصلى بالناس عبد الرحمن بن عتاب بن أسيد ووقع من رعاع الناس من أهل البصرة كلام وضرب فقتل منهم نحوا أربعين رجلا ودخل الناس على عثمان بن حنيف قصره فأخرجوه إلى طلحة والزبير ولم يبق في وجهه شعرة إلا نتفوها فاستعظما ذلك وبعثا إلى عائشة فأعلماها الخبر فأمرت أن تخلي سبيله فأطلقوه وولوا على بيت المال عبد الرحمن بن أبي بكر وقسم طلحة والزبير أموال بيت المال في الناس وفضلوا أهل الطاعة وأكب عليهم الناس يأخذون أرزاقهم وأخذوا الحرس واستبدوا في الأمر بالبصرة فحمى لذلك جماعة من قوم قتلة عثمان وأنصارهم فركبوا في جيش قريب من ثلثمائة ومقدمهم حكيم بن جبلة وهو أحد من باشر قتل عثمان فبارزوا وقاتلوا