نائلة وأم البنين وبناته فقال ابن عديس اتركوه فتركوه ثم مال هؤلاء الفجرة على ما في البيت فنهبوه وذلك أنه نادى مناد منهم أيحل لنادمه ولا يحل لنا ماله فانتهبوه ثم خرجوا فأغلقوا الباب على عثمان وفسيلين معه فلما خرجوا إلى صحن الدار وثب غلام لعثمان على قترة فقتله وجعلوا لا يمرون على شيء إلا أخذوه حتى استلب رجل يقال له كلثوم التجيبي ملاءة نائلة فضربه غلام لعثمان فقتله وقتل الغلام ايضا ثم تنادى القوم أن أدركوا بيت المال لا تستبقوا إليه فسمعهم حفظه بيت المال فقالوا يا قوم النجا النجا فإن هؤلاء القوم لم يصدقوا فيما قالوا من أن قصدهم قيام الحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغير ذلك مما ادعوا أنهم إنما قاموا لأجله وكذبوا إنما قصدهم الدنيا فانهزموا وجاء الخوارج فاخذوا مال بيت المال وكان فيه شيء كثير جدا فضل .
ولما وقع هذا الأمر العظيم الفضيع الشنيع أسقط في أيدي الناس فأعظموه جدا وندم أكثر هؤلاء الجهلة الخوارج بما صنعوا وأشبهوا تقدمهم ممن قص الله علينا خبرهم في كتابة العزيز من الذين عبدوا العجل في قوله تعالى ولما سقط في أيديهم ورأوا أنهم قد ضلوا قالوا لئن لم يرحمنا ربنا ويغفر لنا لنكونن من الخاسرين .
ولما بلغ الزبير مقتل عثمان وكان قد خرج من المدينة قال إنا لله وإنا إليه راجعون ثم ترحم على عثمان وبلغه أن الذين قتلوه ندموا فقال تبا لهم ثم تلا قوله تعالى ما ينظرون إلا صيحة واحدة تأخذهم وهم يخصمون فلا يستطيعون توصية ولا إلى أهلهم يرجعون وبلغ عليا قتله فترحم عليه وسمع بندم الذين قتلوه فتلا قوله تعالى كمثل الشيطان إذ قال للانسان اكفر فلما كفر قال إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين ولما بلغ سعد بن أبي وقاص قتل عثمان استغفر له وترحم عليه وتلا في حق الذين قتلوه قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ثم قال سعد اللهم اندمهم ثم خذهم وقد أقسم بعض السلف بالله إنه ما مات أحد من قتلة عثمان إلا مقتولا رواه ابن جرير .
وهكذا ينبغي أن يكون لوجوه منها دعوة سعد المستجابة كما ثبت في الحديث الصحيح وقال بعضهم ما مات أحد منهم حتى جن وقال الواقدي حدثني عبد الرحمن بن أبي الزناد عن عبد الرحمن بن الحارث قال الذي قتل عثمان كنانة بن بشر بن عتاب النجيبي وكانت امرأة منظور بن سيار الفزاري تقول خرجنا إلى الحج وما علمنا لعثمان بقتل حتى إذا كنا بالمرج سمعنا رجلا يغني تحت الليل