ثم يمتد شرقا ويصير جنوبي الأرض وفيه هناك جزائر الزابج وعلى سواحله خراب كثير ثم يمتد شرقا وشمالا حتى يتصل بحر الصين والهند ثم يمتد شرقا حتى يسامت نهاية الأرض الشرقية المكشوفة وهناك بلاد الصين ثم ينعطف في شرق الصين إلى جهة الشمال حتى يجاوز بلاد الصين ويسامت سد يأجوج ومأجوج ثم ينعطف ويستدير على أراضي غير معلومة الأحوال ثم يمتد مغربا في شمال الأرض ويسامت بلاد الروس ويتجاوزها ويعطف مغربا وجنوبا ويستدير على الأرض ويعود إلى جهة الغرب وينبثق من الغربي إلى متن الأرض الزقاق الذي ينتهي أقصاه إلى أطراف الشام من الغرب ثم يأخذ في بلاد الروم حتى يتصل بالقسطنطينية وغيرها من بلادهم .
وينبعث من المحيط الشرقي بحار أخر فيها جزائر كثيرة حتى إنه يقال إن في بحر الهند ألف جزيرة وسبعمائة جزيرة فيها مدن وعمارات سوى الجزائر العاطلة ويقال لها البحر الأخضر فشرقيه بحر الصين وغربيه بحر اليمن وشماله بحر الهند وجنوبيه غير معلوم .
وذكروا أن بين بحر الهند وبحر الصين جبالا فاصلة بينهما وفيها فجاج يسلك المراكب بينها يسيرها لهم الذي خلقها كما جعل مثلها في البر ايضا قال الله تعالى وجعلنا في الأرض رواسي أن تميد بكم وجعلنا فيها فجاجا سبلا لعلكم تهتدون وقد ذكر بطليموس أحد ملوك الهند في كتابه المسمى بالمجسطي الذي عرب في زمان المأمون وهو أصل هذه العلوم أن البحار المتفجرة من المحيط الغربي والشرقي والجنوبي والشمالي كثيرة جدا فمنها ما هو واحد ولكن يسمى بحسب البلاد المتاخمة له فمن ذلك بحر القلزم والقلزم قرية على ساحله قريب من أيلة وبحر فارس وبحر الخزرة وبحر ورنك وبحر الروم وبحر بنطش وبحر الأزرق مدينة على ساحله وهو بحر القرم أيضا ويتضايق حتى يصب في بحر الروم عند جنوبي القسطنطينية وهو خليج القسطنطينية ولهذا تسرع المراكب في سيرها من القرم إلى بحر الروم وتبطيء إذا جاءت من الإسكندرية إلى القرم لاستقبالها جريان الماء وهذا من العجائب في الدنيا فإن كل ماء جار فهو حلو إلا هذا وكل بحر راكد فهو ملح أجاج إلا ما يذكر عن بحر الخزر وهو بحر جرجان وبحر طبرستان أن فيه قطعة كبيرة ماء حلوا فراتا على ما أخبر به المسافرون عنه .
قال أهل الهيئة وهو بحر مستدير الشكل إلى الطول ما هو وقيل إنه مثلث كالقلع وليس هو متصلا بشيء من البحر المحيط بل منفرد وحده وطوله ثمانمائة ميل وعرضه ستمائة وقيل أكثر من ذلك والله أعلم .
ومن ذلك البحر الذي يخرج منه المد والجزر عند البصرة وفي بلاد المغرب نظيره أيضا يتزايد الماء من أول الشهر ولا يزال في زيادة إلى تمام الليلة الرابعة عشر منه وهو المد ثم يشرع في النقص وهو الجزر إلى آخر الشهر وقد ذكروا تحديد هذه البحار ومبتداها ومنتهاها وذكروا ما في الأرض