فيه اثنى عشر رقعة وانفق في حجته ستة عشر دينارا وقال لابنه قد اسرفنا وكان لا يستظل بشيء غير انه كان يلقي كساءه على الشجرة ويستظل تحته وليس له خيمة ولا فسطاط ولما قدم الشام لفتح بيت المقدس كان على جمل اورق تلوح صلعته للشمس ليس عليه قلنسوة ولا عمامه قد طبق رجليه بين شعبي الرحل بلا ركاب ووطاؤه كبش صوف وهو فراشه اذا نزل وحقيبته محشوة ليفا وهي وسادته اذا نام وعليه قميص من كرابيس قد رسم وتخرق جيبه فلما نزل قال ادعوا لي راس القرية فدعوه فقال اغسلوا قميصي وخيطوه واعيروني قميصا فاتى بقميص كتان فقال ما هذا فقيل كتان فقال فما الكتان فاخبروه فنزع قميصه فغسلوه وخاطوه ثم لبسه فقال له انت ملك العرب وهذه بلاد لا يصلح فيها ركوب الابل فاتي ببرذون فطرح عليه قطيفة بلا سرج ولا رحل فلما سار جعل البرذون يهملج به فقال لمن معه احبسوا ما كنت اظن الناس يركبون الشياطين هاتوا جملي ثم نزل وركب الجمل .
وعن انس قال كنت مع عمر فدخل حائطا لحاجته فسمعته يقول بينى وبينه جدار الحائط عمر بن الخطاب امير المؤمنين بخ بخ والله لتتقين الله بني الخطاب او ليعذبنك وقيل انه حمل قربة على عاتقه فقيل له في ذلك فقال ان نفسي اعجبتني فاردت ان اذلها وكان يصلي بالناس العشاء ثم يدخل بيته فلا يزال يصلي إلى الفجر وما مات حتى سرد الصوم وكان في عام الرمادة لا ياكل الا الخبز والزيت حتى اسود جلده ويقول بئس الوالي ان شبعت والناس جياع وكان في وجهه خطان اسودان من البكاء وكان يسمع الآية من القرآن فيغشى عليه فيحمل صريعا الى منزله فيعاد اياما ليس به مرض الا الخوف وقال طلحة بن عبدالله خرج عمر ليلة في سواد الليل فدخل بيتا فلما اصبحت ذهبت الى ذلك البيت فاذا عجوز عمياء مقعدة فقلت لها ما بال هذا الرجل ياتيكي فقالت انه يتعاهدني مدة كذا وكذا ياتيني بما يصلحنى ويخرج عنى الاذى فقلت لنفسي ثكلتك امك يا طلحة اعثرات عمر تتبع .
وقال اسلم مولى عمر قدم المدينة رفقة من تجار فنزلوا المصلى فقال عمر لعبد الرحمن بن عوف هل لك ان نحرسهم الليلة قال نعم فباتا يحرسانهم ويصليان فسمع عمر بكاء صبي فتوجه نحوه فقال لامه اتق الله تعالى واحسني الى صبيك ثم عاد الى مكانه فسمع بكاءه فعاد الى امه فقال لها مثل ذلك ثم عاد مكانه فلما كان آخر الليل سمع بكاء الصبي فاتى الى امه فقال لها ويحك انك ام سوء مالى ارى ابنك لا يقر منذ الليلة من البكاء فقالت يا عبدالله ان اشغله عن الطعام فيابى ذلك قال ولم قالت لان عمر لا يفرض الا للمفطوم قال وكم عمر ابنك هذا قالت كذا وكذا شهرا فقال ويحك لا تعجليه عن الفطام فلما صلى الصبح وهو لا يستبين للناس