وراءهم وانتموا الينا عزمنا ايضا على الفرار كلنا فانهم حينئد لايشكون في الهزيمة فيخرجون من حصونهم عن بكرة ابيهم فاذا تكامل خروجهم رجعنا اليهم فجالدناهم حتى يقضى الله بيننا فاستجاد الناس هذا الرأي وامر النعمان على المجردة القعقاع بن عمرو وامرهم ان يذهبوا الى البلد فيحاصروهم وحدهم ويهربوا بين ايديهم اذا برزوا اليهم ففعل الققاع ذلك فلما برزوا من حصونهم نكص القعقاع بمن معه ثم نكص ثم نكص فاغتنمها الأعاجم ففعلوا ما ظن طليحة وقالوا هي هي فخرجوا بأجمعهم ولم يبق بالبلد من المقاتلة الا من يحفظ لهم الأبواب حتى انتهوا الى الجيش والنعمان بن مقرن على تعبئته وذلك في صدر نهار جمعة فعزم الناس على مصادمتهم فنهاهم النعمان وأمرهم ان لايقاتلوا حتى تزول الشمس وتهب الأرواح وينزل النصر كما كان رسول الله ( ص ) بفعل وألح الناس على النعمان في الحملة فلم يفعل وكان رجلا ثابتا فلما حان الزوال صلى بالمسلمين ثم ركب برذونا له احوى قريبا من الأرض فجعل يقف على كل راية ويحثهم على الصبر ويأمرهم بالثبات ويقدم الى المسلمين انه يكبر الأولى فيتأهب الناس للحملة ويكبر الثانية فلا يبقى لأحد اهبة ثم الثالثة ومعها الحملة الصادقة ثم رجع الى موقفه وتعبت الفرس تعبئة عظيمة واصطفوا صفوفا هائلة في عددوعدد لم ير مثله وقد تغلغل كثير منهم بعضهم في بعض والقوا حسك الحديد وراء ظهورهم حتى لايمكنهم الهرب ولا الفرار ولا التحيز ثم ان النعمان بن مقرن Bه كبر الأولى وهز الراية فتأهب الناس للحملة ثم كبر الثانية وهز الراية فتأهبوا ايضا ثم كبر الثالثة وحمل وحمل الناس على المشركين وجعلت راية النعمان تنقض على الفرس كانقضاض العقاب على الفريسة حتى تصافحوا بالسيوف فاقتتلوا قتالا لم يعهد مثله في موقف من المواقف المتقدمة ولا سمع المسامعون بوقعة مثلها قتل من المشركين ما بين الزوال الى الظلام من القتلى ما طبق وجه الأرض دما بحيث ان الدواب كانت تطبع فيه حتى قيل ان الأمير النعمان بن مقرن زلق به حصانة في ذلك الدم فوقع وجاءه سهم في خاصرته فقتله ولم يشعر به أحجد سوى اخيه سويد وقيل نعيم وقيل غطاه بثوبه واخفى موته ودفع الراية الى حذيفة بن اليمان فأقام حذيفة اخاه نعيما مكانه وأمر بكتم موته حتى ينفصل الحال لئلا ينهزم الناس فلما اظلم الليل انهزم المشركون مدبرين وتبعهم المسلمون وكان الكفار قد قرنوا منهم ثلاثين الفا بالسلاسل وحفروا حولهم خندقا فلما انهزموا وقعوا في الخندق وفي تلك الأودية نحو مائة الف وجعلوا يتساقطون في اودية بلادهم فهلك منهم بشر كثير نحو مائة الف او يزيدون سوى من قتل في المعركة ولم يفلت منهم الا الشريد وكان الفيرزان اميرهم قد صرع في المعركة فانفلت وانهزم واتبعه نعيم بن مقرن وقدم القعقاع بين يديه