غنية عن الله فقيرة إلى الناس فهي لايزال ساقطا بناؤها فشوهت بذلك .
وذكر سيف ان عبد الله بن سعد بن أبي سرح لما ولي مصر بعد ذلك زاد في الخراج عليهم رءوسا من الرقيق يهدونها إلى المسلمين في كل سنة ويعوضهم المسلمون بطعام مسمى وكسوة وأقر ذلك عثمان بن عفان وولاة الامور بعده حتى كان عمر بن عبدالعزيز فأمضاه أيضا نظرا لهم وإبقاء لعهدهم قلت وإنما سميت ديرا مصر بالفسطاط نسبة إلى فسطاط عمرو بن العاص وذلك أنه نصب خيمته وهي الفسطاط موضع مصر اليوم وبنى الناس حوله وتركت مصر القديمة من زمان عمرو بن العاص وإلى اليوم ثم رفع الفسطاط وبنى موضعه جامعا وهو المنسوب إليه اليوم وقد غزا المسلمون بعد فتح مصر النوبة فنالهم جراحات كثيرة وأصيبت أعين كثيرة لجودة رمى النوبة فسموهم حند الحدق ثم فتحها الله بعد ذلك وله الحمد والمنة وقد اختلف في بلاد مصر فقيل فتحت صلحا إلا الاسكندرية وهو قول يزيد بن أبي حبيب وقيل كلها عنوة وهو قول ابن عمر وجماعة وعن عمرو بن العاص أنه خطب الناس فقال ما قعدت مقعدي هذا ولاحد من القبط عندي عهد إن شئت قلت وإن شئت بعت وإن شئت خمست إلا لاهل الطابلس فان لهم عهدا نوفي به .
قصة نيل مصر .
روينا من طريق ابن لهيعة عن قيس بن الحجاج عمن حدثه قال لما افتتحت مصر آتى اهلها عمرو بن العاص حين دخل بؤنة من أشهر العجم فقالوا أيها المير لنيلنا هذا سنة لايجري إلا بها قال وما ذلك قالوا إذا كانت اثنتي عشرة ليلة خلت من هذا الشهر عمدنا إلى جارية بكر من ابويها فأرضينا أبويها وجعلنا عليها من الحلي والثياب أفضل ما يكون ثم ألقيناها في هذا النيل فقال لهم عمرو إن هذا مما لايكون في الإسلام إن الاسلام يهدم ماقبله قال فأقاموا بؤنة وأبيب ومسرى والنيل لايجري قليلا ولا كثيرا حتى هموا بالجلاء فكتب عمرو إلى عمر ابن الخطاب بذلك فكتب إليه إنك قد أصبت بالذي فعلت وإني قد بعثت إليك بطاقة داخل كتابي فألقها في النيل فلما قدم كتابه أخذ عمرو البطاقة فاذا فيها من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى نيل أهل مصر أما بعد فان كنت إنما تجري من قبلك ومن أمرك فلا تجر فلاحاجة لنا فيك وإن كنت إنما تجري بأمر الله الواحد القهار وهو الذي يجريك فنسأل الله تعالى أن يجريك قال فألقى البطاقة في النيل فأصبحوا يوم السبت وقد أجرى الله النيل ستة عشر ذراعا في ليلة واحدة وقطع الله تلك السنة عن أهل مصر إلى اليوم .
قال سيف بن عمرو وفي ذي القعدة من هذه السنة وهي عنده سنة ست عشرة جعل عمرو المسالح على أرجاء مصر وذلك لأن هرقل أغزا الشام ومصر في البحر قال ابن جرير وفي هذه