فحمله عليها ثم انجذب في السير لياتوا به سعدا وسبقهم عاصم فمر باب قديس فطواه وقال بشروا الامير بالظفر ظفرنا ان شاء الله تعالى ثم مضى حتى جعل التراب في الحجر ثم رجع فدخل على سعد فأخبره الخبر فقال ابشروا فقد والله اعطانا الله اقاليد ملكهم وتفاءلوا بذلك اخذ بلادهم ثم لم يزل امر الصحابة يزداد في كل يوم علوا وشرفا ورفعة وينحط امر الفرس سفلا وذلا ووهنا ولما رجع رستم الى الملك يساله عن حل من راى من المسلمين فذكر له عقلهم وفصاحتهم وحدة جوابهم وانهم يرومون امرا يوشك ان يدركوه وذكر ما امر به اشرفهم من حمل التراب وانه استحمق اشرفهم في حمله التراب على راسه ولوشاء اتقى بغيره وانا لا اشعر فقال له رستم انه ليس احمق وليس هو باشرفهم انما اراد ان يفتدي قومه بنفسه ولكن والله ذهبوا بمفاتيح ارضنا وكان رستم منجما ثم ارسل رجلا وراءهم وقال ان ادرك التراب فرده تداركنا امرنا وان ذهبوا به الى اميرهم غلبونا على ارضنا قال فساق وراءهم فلم يدركهم بل سبقوه الى سعد بالتراب وساء ذلك فارس وغضبوا من ذلك اشد الغضب واستهجنوا راي الملك فصل .
كانت وقعة القادسية وقعة عظيمة لم يكن بالعراق اعجب منها وذلك انه لما تواجه الصفان كان سعد رضى الله عنه قد اصابه عرق النسا ودمامل في جسده فهو لا يستطيع الركوب وانما هو في قصر متكىء على صدره فوق وسادة وهو ينظر الى الجيش ويدبر امره وقد جعل امر الحرب الى خالد بن عرفطة وجعل على الميمنة جرير بن عبدالله البجلي وعلى الميسرة قيس بن مكشوح وكان قيس والمغيرة بن شعبة قد قدما على سعد مددا من عند ابو عبيدة من الشام بعدما شهدا وقعة اليرموك .
وزعم ابن اسحاق ان المسلمين كانوا ما بين السبعة الاف الى الثمانية الاف وان رستما كان في ستين الفا فصلى سعد بالناس الظهر ثم خطب الناس فوعظهم وحثهم وتلا قوله تعالى ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر ان الارض يرثها عبادي الصالحون وقرأ القراء آيات الجهاد وسوره ثم كبر سعدا اربعا ثم حملوا بعد الرابعة فاقتتلوا حتى كان الليل فتحاجزوا وقد قتل من الفرقين بشر كثير ثم أصبحوا الى مواقفهم فاقتتلوا يومهم ذلك وعامة ليلتهم ثم اصبحوا كما امسوا على مواقفهم فاقتتلوا حتى امسوا ثم اقتتلوا في اليوم الثالث كذلك وامست هذه الليلة تسمى ليلة الهرير فلما اصبح اليوم الرابع اقتتلوا قتالا شديدا وقد قاسوا من الفيلة بالنسبة الى الخيول العربية بسبب نفرتها منها امرا بليغا وقد اباد الصحابة الفيلة ومن عليها وقلعوا عيونها وابلى جماعة من الشجعان في هذه الايام مثل طليحة الاسدي وعمرو بن معدي كرب والقعقاع بن عمرو وجرير بن عبدالله البجلي وضرار بن الخطاب وخالد بن عرفطة واشكالهم واضرابهم فلما كان وقت الزوال من هذا اليوم