لسارقون قالوا وأقبلوا عليهم ماذا تفقدون قالوا نفقد صواع الملك ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم قالوا تالله لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض وما كنا سارقين قالوا فما جزاؤه إن كنتم كاذبين قالوا جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه كذلك نجزي الظالمين فبدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيه ثم استخرجها من وعاء أخيه كذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك إلا أن يشاء الله نرفع درجات من نشاء وفوق كل ذي علم عليم قالوا إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل فأسرها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم قال أنتم شر مكانا والله أعلم بما تصفون قالوا يا أيها العزيز إن له أبا شيخا كبيرا فخذ أحدنا مكانه إنا نراك من المحسنين قال معاذ الله أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده إنا إذا لظالمون .
يذكر تعالى ما كان من أمرهم حين دخلوا بأخيهم بنيامين على شقيقه يوسف وأيوائه إليه وإخباره له سرا عنهم بأنه أخوه وأمره بكتم ذلك عنهم وسلاه عما كان منهم من الإساءة إليه ثم احتال على أخذه منهم وتركه إياه عنده دونهم فأمر فتيانه بوضع سقايته وهي التي كان يشرب بها ويكيل بها للناس الطعام عن غرته في متاع بنيامين ثم أعلمهم بأنهم قد سرقوا صواع الملك ووعدهم جعالة على رده حمل بعير وضمنه المنادي لهم فأقبلوا على من اتهمهم بذلك فأبنوه وهجنوه فيما قاله لهم و قالوا تالله لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض وما كنا سارقين يقولون أنتم تعلمون منا خلاف ما رميتمونا به من السرقة قالوا فما جزاؤه إن كنتم كاذبين قالوا جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه كذلك نجزي الظالمين وهذه كانت شريعتهم أن السارق يدفع إلى المسروق منه ولهذا قالوا كذلك نجزي الظالمين قال الله تعالى فبدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيه ثم استخرجها من وعاء أخيه ليكون ذلك أبعد للتهمه وأبلغ في الحيلة ثم قال الله تعالى كذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك أي لولا اعترافهم بأن جزاءه من وجد في رحله فهو جزاؤه لما كان يقدر يوسف على أخذه منهم في سياسة ملك مصر إلا أن يشاء الله نرفع درجات من نشاء أي في العلم وفوق كل ذي علم عليهم وذلك لأن يوسف كان أعلم منهم وأتم رأيا وأقوى عزما وحزما وإنما فعل ما فعل عن أمر الله له في ذلك لأنه يترتب على هذا الأمر مصلحة عظيمة بعد ذلك من قدوم أبيه وقومه عليه ووفودهم إليه فلما عاينوا استخراج الصواع من حمل بنيامين قالوا إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل يعنون يوسف قيل كان قد سرق صنم جده أبي أمه فكسره وقيل كانت عمته قد علقت عليه بين ثيابه وهو صغير منطقة كانت لاسحق ثم استخرجوها من بين ثيابه وهو لا يشعر بما صنعت وإنما أرادت أن يكون عندها وفي حضانتها لمحبتها له وقيل كان يأخذ الطعام من البيت فيطعمه الفقراء وقيل غير ذلك فلهذا قالوا إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل فاسرها يوسف في نفسه وهي كلمته بعدها وقوله أنتم شر مكانا والله أعلم بما تصفون أجابهم سرا لا جهرا حلما وكرما وصفحا وعفوا فدخلوا معه في الترقق والتعطف فقالوا يا أيها العزيز إن له أبا