صرفه عنه شيطانه فانصرف عنه خالد وقد ميز خالد المهاجرين من الأنصار من الأعراب وكل بني أب على رايتهم يقاتلون تحتها حتى يعرف الناس من أين يؤتون وصبرت الصحابة في هذا الموطن صبرا لم يعهد مثله ولم يزالوا يتقدمون إلى نحور عدوهم حتى فتح الله عليهم وولى الكفار الأدبار واتبعوهم يقتلون في أقفائهم ويضعون السيوف في رقابهم حيث شاءوا حتى ألجأوهم إلى حديقة الموت وقد أشار عليهم محكم اليمامة وهم محكم بن الطفيل لعنه الله بدخولها فدخلوها وفيها عدو الله مسيلمة لعنه الله وأدرك عبد الرحمن بن ابي بكر محكم بن الطفيل فرماه بسهم في عنقه وهو يخطب فقتله وأغلقت بنو حنيفة الحديقة عليهم وأحاط بهم الصحابة وقال البراء بن مالك يا معشر المسلمين ألقوني عليهم في الحديقة فاحتملوه فوق الجحف ورفعوها بالرماح حتى ألقوه عليهم من فوق سورها فلم يزل يقاتلهم دون بابها حتى فتحه ودخل المسلمون الحديقة من حيطانها وأبوابها يقتلون من فيها من المرتدة من أهل اليمامة حتى خلصوا إلى مسيلمة لعنه الله وإذا هو واقف في ثلمة جدار كأنه جمل أورق وهو يريد يتساند لا يعقل من الغيظ وكان إذا اعتراه شيطانه أزبد حتى يخرج الزبد من شدقيه فتقدم إليه وحشي بن حرب مولى جبير بن مطعم قاتل حمزة فرماه بحربته فاصابه وخرجت من الجانب الآخر وسارع إليه أبو دجانة سماك بن خرشة فضربه بالسيف فسقط فنادت امرأة من القصر واأمير الوضاءة قتله العبد الاسودفكان جملة من قتلوا في الحديقة وفي المعركة قريبا من عشرة آلاف مقاتل وقيل احد وعشرون ألفا وقتل من المسلمين ستمائة وقيل خمسمائة فالله أعلم وفيهم من سادات الصحابة وأعيان الناس من يذكر بعد وخرج خالد وتبعه مجاعة بن مرارة يرسف في قيوده فجعل يريه القتلى ليعرفه بمسيلمة فلما مروا بالرجال بن عنفوة قال له خالد أهذا هو قال لا والله هذا خير منه هذا الرجال بن عنفوة قال سيف بن عمر ثم مروا برجل أصفر أخنس فقال هذا صاحبكم فقال خالد قبحكم الله على اتباعكم هذا ثم بعث خالد الخيول حول اليمامة يلتقطون ما حول حصونها من مال وسبي ثم عزم على غزو الحصون ولم يكن بقي فيها إلا النساء والصبيان والشيوخ الكبار فخدعه مجاعة فقال أنها ملأى رجالا ومقاتلة فهلم فصالحني عنها فصالحه خالد لما رأى بالمسلمين من الجهد وقد كلوا من كثرة الحروب والقتال فقال دعني حتى أذهب إليهم ليوافقوني على الصلح فقال اذهب فسار إليهم مجاعة فأمر النساء أن يلبسن الحديد ويبرزن على رؤوس الحصون فنظر خالد فإذا الشرفات ممتلئة من رؤوس الناس فظنهم كما قال مجاعة فانتظر الصلح ودعاهم خالد إلى الاسلام فأسلموا عن اخرهم ورجعوا إلى الحق ورد عليهم خالد بعض ما كان أخذ من السبي وساق الباقين إلى الصديق وقد تسرى علي بن أبي طالب بجارية منهم وهي ام ابنه محمد الذي يقال له محمد بن الحنفية رضي الله