ضيف إبراهيم وبشارتهم إياه بغلام عليم قال فما خطبكم أيها المرسلون قالوا إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين لنرسل عليهم حجارة من طين مسومة عند ربك للمسرفين فاخرجنا من كان فيها من المؤمنين فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين وتركنا فيها آية للذين يخافون العذاب الأليم وقال في سورة الانشقاق كذبت قوم لوط بالنذر إنا أرسلنا عليهم حاصبا إلا آل لوط نجيناهم بسحر نعمة من عندنا كذلك نجزي من شكر ولقد أنذرهم بطشتنا فتماروا بالنذر ولقد راودوه عن ضيفه فطمسنا أعينهم فذوقوا عذابي ونذر ولقد صبحهم بكرة عذاب مستقر فذوقوا عذابي ونذر ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر .
وقد تكلمنا على هذه القصص في أماكنها من هذه السورة في التفسير وقد ذكر الله لوطا وقومه في مواضع أخر من القرآن تقدم ذكرها مع قوم نوح وعاد وثمود والمقصود الآن إيراد ما كان من أمرهم وما أحل الله بهم مجموعا من الآيات والآثار وبالله المستعان وذلك أن لوطا عليه السلام لما دعاهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له ونهاهم عن تعاطي ما ذكر الله عنهم من الفواحش فلم يستجيبوا له ولم يؤمنوا به حتى ولا رجل واحد منهم ولم يتركوا ما عنه نهوا بل استمروا على حالهم ولم يرتدعوا عن غيهم وضلالهم وهموا بإخراج رسولهم من بين ظهرانيهم وما كان حاصل جوابهم عن خطابهم إذ كانوا لا يعقلون إلا أن قالوا أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون فجعلوا غابة المدح ذما يقتضي الإخراج وما حملهم على مقالتهم هذه الا العناد واللجاج فطهره الله وأهله الا امرأته وأخرجهم منها أحسن إخراج وتركهم في محلتهم خالدين لكن بعد ما صيرها عليهم بحرة منتنة ذات أمواج لكنها عليهم في الحقيقة نار تأجج وحر يتوهج وماؤها ملح أجاج وما كان هذا جوابهم الا لما نهاهم عن الطامة العظمى والفاحشة الكبرى التي لم يسبقهم إليها أحد من أهل الدنيا ولهذا صاروا مثلة فيها وعبرة لمن عليها وكانوا مع ذلك يقطعون الطريق ويخونون الرفيق ويأتون في ناديهم وهو مجتمعهم ومحل حديثهم وسمرهم المنكر من الأقوال والأفعال على اختلاف أصنافه حتى قيل إنهم كانوا يتضارطون في مجالسهم ولا يستحيون من مجالسهم وربما وقع منهم الفعلة العظيمة في المحافل ولا يستنكفون ولا يرعوون لوعظ واعظ ولا نصيحة من عاقل وكانوا في ذلك وغيره كالأنعام بل أضل سبيلا ولم يقلعوا عما كانوا عليه في الحاضر ولا ندموا على ما سلف من الماض ولا راموا في المستقبل تحويلا فأخذهم الله أخذا وبيلا وقالوا له فيما قالوا ائتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين فطلبوا منه وقوع ما حذرهم عنه من العذاب الأليم وحلول البأس العظيم فعند ذلك دعا عليهم نبيهم الكريم فسأل من رب العالمين وإله المرسلين أن ينصره علىالقوم المفسدين فغار الله لغيرته وغضب لغضبته واستجاب لدعوته وأجابه إلى طلبته وبعث رسله الكرام وملائكته العظام فمروا على الخليل إبراهيم وبشروه بالغلام العليم وأخبروه بما جاؤوا له من الأمر الجسيم والخطب العميم قال فما خطبكم أيها المرسلون قالوا إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين لنرسل