الآية فكل كتاب أنزل من السماء على نبي من الأنبياء بعد إبراهيم الخليل فمن ذريته وشيعته وهذه خلعة سنية لا تضاهى ومرتبة عليه لا تباهى وذلك أنه ولد له لصلبه ولدان ذكران عظيمان إسمعيل من هاجر ثم إسحق من سارة وولد لهذا يعقوب وهو إسرائيل الذي ينتسب إليه سائر أسباطهم فكانت فيهم النبوة وكثروا جدا بحيث لا يعلم عددهم إلا الذي بعثهم واختصهم بالرسالة والنبوة حتى ختموا بعيسى ابن مريم من بني إسرائيل وأما إسمعيل عليه السلام فكانت منه العرب على اختلاف قبائلها كما سنبينه فيما بعد إن شاء الله تعالى ولم يوجد من سلالته من الأنبياء سوى خاتمهم على الإطلاق وسيدهم وفخر بني آدم في الدنيا والآخرة محمد بن عبدالله بن عبد المطلب بن هاشم القرشي الهاشمي المكي ثم المدني صلوات الله وسلامه عليه فلم يوجد من هذا الفرع الشريف والغصن المنيف سوى هذه الجوهرة الباهرة والدرة الزاهرة وواسطة العقد الفاخرة وهو السيد الذي يفتخر به أهل الجمع ويغبطه الأولون والآخرون يوم القيامة وقد ثبت عنه في صحيح مسلم كما سنورده أنه قال سأقوم مقاما يرغب إلي الخلق كلهم حتى إبراهيم فمدح إبراهيم أباء مدحة عظيمة في هذا السياق ودل كلامه على أنه أفضل الخلائق بعده عند الخلاق في هذه الحياة الدنيا ويوم يكشف عن ساق .
وقال البخاري حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير عن منصور عن المنهال عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال كان رسول الله A يعوذ الحسن والحسين ويقول أن أباكما كان يعوذ بهما إسماعيل وإسحاق أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة ورواه أهل السنن من حديث منصور به وقال تعالى وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحيي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي قال فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك ثم اجعل على كل جبل منهن جزأ ثم ادعهم يأتينك سعيا واعلم أن الله عزيز حكيم ذكر المفسرون لهذا السؤال أسبابا بسطناها في التفسير وقررناها بأتم تقرير والحاصل أن الله D أجابه إلى ما سأل فأمره أن يعمد إلى أربعة من الطيور واختلفوا في تعينها على أقوال والمقصود حاصل على كل تقدير أمره أن يمزق لحومهن وريشهن ويخلط ذلك بعضه في بعض ثم يقسمه قسما ويجعل على كل جبل منهم جزأ ففعل ما أمر به ثم أمر أن يدعوهن بإذن ربهن فلما دعاهن جعل كل عضو يطير إلى صاحبه وكل ريشة تأتي إلى أختها حتى اجتمع بدن كل طائر على ما كان عليه وهو ينظر إلى قدرة الذي يقول للشيء كن فيكون فأتين إليه سعيا ليكون أبين له وأوضح لمشاهدته من أن يأتين طيرانا ويقال إنه أمر ان يأخذ رؤسهن في يده فجعل كل طائر يأتي فيلقي رأسه فيتركب على جثته كما كان فلا إله إلا الله وقد كان إبراهيم عليه السلام يعلم قدرة الله تعالى على إحياء الموتى علما يقينا لا يحتمل النقيض ولكن أحب ان يشاهد ذلك عيانا ويترقى من علم اليقين إلى عين اليقين فأجابه الله إلى سؤاله وأعطاه غاية مأموله وقال تعالى يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم وما أنزلت التوراة