الله من تخلف منهم لغير عذر من المنافقين والمقصرين ولامهم ووبخهم وقرعهم أشد التقريع وفضحهم أشد الفضيحة وأنزل فيهم قرآنا يتلى وبين أمرهم في سورة براءة كما قد بينا ذلك مبسوطا في التفسير وأمر المؤمنين بالنفر على كل حال فقال تعالى انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا باموالكم وأنفسكم في سبيل الله ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون لو كان عرضا قريبا وسفرا قاصدا لاتبعوك ولكن بعدت عليهم الشقة وسيحلفون بالله لو استطعنا لخرجنا معكم يهلكون أنفسهم والله يعلم إنهم لكاذبون ثم الآيات بعدها ثم قال تعالى وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم اذا رجعوا اليهم لعلهم يحذرون فقيل إن هذه ناسخة لتلك وقيل لا فالله أعلم .
قال ابن اسحاق ثم أقام رسول الله A بالمدينة ما بين ذي الحجة إلى رجب يعني من سنة تسع ثم أمر الناس بالتهيؤ لغزو الروم فذكر الزهري ويزيد بن رومان وعبد الله بن أبي بكر وعاصم ابن عمر بن قتادة وغيرهم من علمائنا كل يحدث عن غزوة تبوك ما بلغه عنها وبعض القوم يحدث مالم يحدث بعض أن رسول الله A أمر أصحابه بالتهيؤ لغزو الروم وذلك في زمان عسرة من الناس وشدة الحر وجدب من البلاد وحين طابت الثمار فالناس يحبون المقام في ثمارهم وظلالهم ويكرهون الشخوص في الحال من الزمان الذي هم عليه وكان رسول الله A قل ما يخرج في غزوة إلا 8 كنى عنها إلا ما كان من غزوة تبوك فانه بينها للناس لبعد المشقة وشدة الزمان وكثرة العدو الذي يصمد اليه ليتأهب الناس لذلك أهبته فأمرهم بالجهاد وأخبرهم أنه يريد الروم فقال رسول الله A ذات يوم وهو في جهازه ذلك للجد بن قيس أحد بني سلمة يا جد هل لك العام في جلاد بني الاصفر فقال يا رسول الله أو تأذن لي ولا تفتني فوالله لقد عرف قومي أنه ما رجل أشد عجبا بالنساء مني وإني أخشى إن رأيت نساء بني الأصفر أن لا اصبر فاعرض عنه رسول الله A وقال قد أذنت لك ففي الجد أنزل الله هذه الآية ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني ألا في الفتنة سقطوا وإن جهنم لمحيطة بالكافرين وقال قوم من المنافقين بعضهم لبعض لا تنفروا في الحر زهادة في الجهاد وشكا في الحق وإرجافا بالرسول A فانزل الله فيهم وقالوا لا تنفروا في الحر قل نار جهنم أشد حرا لو كانوا يفقهون فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا جزاء بما كانوا يكسبون قال ابن هشام حدثني الثقة عمن حدثه عن محمد بن طلحة بن عبد الرحمن عن اسحاق بن ابراهيم بن عبد الله ابن حارثة عن أبيه عن جده قال بلغ رسول الله A أن ناسا من المنافقين يجتمعون في بيت سويلم اليهودي وكان بيته عند جاسوم يثبطون الناس عن رسول الله A في غزوة تبوك فبعث اليهم طلحة بن عبيد الله في نفر من أصحابه وأمره أن يحرق عليهم بيت سويلم ففعل طلحة فاقتحم الضحاك